في ذكرى اليوم الوطني لبلادنا الغالية ترحل المشاعر والأفكار إلى ذلك اليوم التاريخي الكبير في حياة الوطن الذي أضاء العتمة وأنار طريق المجد ورسم ملامح التحول الكبير في حياة الإنسان والمكان. إن اليوم الوطني للمملكة ليس ذكرى وطنية عابرة أو مناسبة تاريخية كبقية الانتصارات، بل يوم مفصلي في مسيرة التاريخ ليس لأنه وحد الأرض والإنسان والوطن، بل لأن أهدافه وغاياته جاءت مجددة لكلمة التوحيد الخالدة، مضيفا أن المتتبع لفصول التاريخ يدرك أهمية هذا اليوم التاريخي الذي أعلن فيه الملك عبدالعزيز الموحد كلمته بأنه لا شقاق أو شتات بعد اليوم في وطن كانت تمزقه العصبية ويرزح تحت الفقر والجهل والاعتقادات الوهمية، فارتفعت راية التوحيد الخالدة فوق البيد والجبال والسهول موحدة الله، ومبشرة عن مولد مشروع الملك عبدالعزيز التاريخي الذي آخى بين الناس وهيأ كل أسباب الحضارة والرخاء ودحر الجهل والظلم فكان ذلك اليوم هو بمثابة الضوء الذي شع ضياؤه في أرجاء المعمورة. إن الملك عبدالعزيز كان هاجسه الأول والأخير هو إعلاء كلمة التوحيد، ودفع الجهل والظلم عن الناس، ولم يكن له مطمع من أطماع الدنيا سوى إنقاذ أبناء وطنه من تلك التيارات القاسية التي تتقاذف الناس إلى مهاوي الاقتتال والامتهان. لقد تهاوت على يدي الملك عبدالعزيز ومن معه من الرجال المخلصين أوكار الجهل والتخلف بتوفيق من الله، وتحول الحلم إلى حقيقة وأصبحت الجزيرة العربية تلك المساحات المتباعدة والأقاليم المتنافرة، تعيش في ظل كيان واحد تحت راية التوحيد الخالدة في رغد من العيش وأمان وازدهار طال كل شبر من الوطن، وصارت المملكة العربية السعودية الوطن الشامخ الحامي لدين الله في كل أرجاء الدنيا. إنه لم يكن فرحته ونصره لمواطن وإنسان فحسب بل كان انتصارا لشريعة الله وللإسلام والمسلمين، وفق رؤية الملك عبدالعزيز رحمه الله التي ركزت على تجديد دعوة التوحيد وأحكام شريعة الله في أرضه، ودعم القضايا الإسلامية في أقطار الدنيا. تجاوزت البلاد بفضل الله إلى مدارج الرقي والرفعة وأصبحت المملكة من الدول العظمى المؤثرة في القرار العالمي وواحدة من الدول الراعية للسلام الدولي والحامية لقضايا الشعوب الإسلامية بعد أن سطرت منجزاتها الحضارية وقادت محاور التنمية الإنسانية والحضارية في شتى جوانب الحياة، وغدت واحدة من أرقى الشعوب رخاء وحضارة، وتأكد للجميع أن قادتها وأبناءها يملكون من الرؤى والفكر العميق ما يجعل الآخرين يندهشون لجميع تجارب المملكة في مختلف الظروف والمحن. * أمير منطقة الباحة