أكبر أزمة نقدية عايشناها ولا زلنا نعيشها مع كل إخفاق تمر به الرياضة السعودية عموماً، وكرة القدم خصوصاً، أننا نبحث عن النتيجة ونترك السبب. منذ قرابة عقد كامل، وتحديداً منذ العام 2000، ونحن نجتر الإخفاق تلو الإخفاق، ونعيش الخيبة تلو الأخرى، ونلوك القهر وراء القهر، ولم يجرؤ كائن من كان على وضع إصبعه على الجرح أو حتى ملامسته، فزاد نزفه وتقيحه. سأنفض قليلاً من الغبار عن ذاكرتكم، هل تذكرون حينما خسرنا كأس آسيا في لبنان، ألم تلف المشنقة أولاً على رأس ماتشالا، ثم ما لبثت أن طوق بها رقبة حمزة إدريس، وعندما مرغ وجه كرتنا بتراب ألمانيا في مونديال 2002، هل وجدوا غير ناصر الجوهر واللاعبين ومعهم فيصل العبدالهادي، ليعلقوا على ظهورهم أذيال الخسارة المذلة، ولما عدنا من كأس آسيا في الصين بعار الخروج من الدور الأول، ألم تكن مقصلة الإقالة تنتظر رأس الهولندي فاندرليم، ثم بعد أن أسقطنا من عرشنا الخليجي والعربي في استحقاقات متتالية، ألم تشهدوا عملية حصد رؤوس المدربين، التي طالت كالديرون، وباكيتا، ثم آنجوس، فالجوهر، وهاهو المصير نفسه ينتظر بيسيرو، الذي حرر وثيقة ضياع المجد الكروي السعودي بعد فشل الوصول لمونديال جنوب أفريقيا. بربكم.. هل كل أولئك المدربين وغيرهم فاشلون، كما يراد إقناعنا، وهل جميع لاعبينا انهزاميون، وبلا روح، كما يراد إيهامنا، أم أن الفشل في مكان آخر، حيث يفترض أن ترسم الاستراتيجيات، وتصنع القرارات؟!. من بديهيات علم الإدارة أن الفشل في التخطيط يقود للتخطيط للفشل، وفي التخطيط تكمن علة الكرة السعودية، ففشلنا في بلوغ مونديال جنوب أفريقيا، هو امتداد لفشلنا في الوصول لأولمبياد بكين، وعجزنا عن بلوغ مونديال نيجيريا للناشئين، وسقوطنا في طريق الوصول لمونديال مصر للشباب. كل ذلك حدث في عام ونيف، وهو ما يؤكد على أن أزمة الكرة السعودية لم تقف عند حد المنتخب الأول، إذ هي تبدأ من قمة رأسها حتى أخمص قدميها. خلال موسم رياضي واحد فقط، ذاقت الكرة السعودية صنوف الهزائم، وأنواع الإحباطات، إن على مستوى الأندية أو المنتخبات، عدا عن الإخفاقات المتتالية في المواسم السابقة، فهل بعد ذلك كله يراد منا أن نقتنع بأن بيسيرو هو أصل المشكلة، وأن اللعب بطريقة معينة، أو بتشكيلة أو أخرى، هو لب القضية!. إن قليلاً من الشجاعة تفرض على مسؤولي اتحاد الكرة أن يعترفوا بمسؤوليتهم عن هذا الواقع المرير، لا أن يذروا غبار فشلهم في الهواء، ويعلقوا غسيلهم على جدران الآخرين؛ لأن الإصلاح إن هم أرادوه –حقاً- لا يأتي بمراوغة الواقع، أو الهروب منه، لكنه يأتي بمواجهته، وأولى خطوات المواجهة تبدأ بمحاسبة الذات، ثم بمحاسبة الآخرين؛ وعند هذه النقطة سأتوقف؛ لأنني لا أعرف في هذا الاتحاد من سيحاسب من!