حين شرعت بكتابة سيرتها الذاتية للالتحاق بإحدى الدورات التدريبية أخبرتها بأن كتابة ذلك الموجز عن حياة انجازات الشخص تحتاج إلى نوع خاص من الإبداع في تقييم الذات ونصحتها أن تبحث عن كلمة " أول " في مسيرة حياتها العلمية والعملية .. ولا مانع من الاجتماعية ؛ لأننا نعيش في مجتمع يعشق بالفطرة كل ما هو "أول"!! قالت لي " جلست مع نفسي أنفذ النصيحة أبحث لموقع تلك الكلمة في حياتي فظهر على سطح ثرثرة تفكيري ( أول صديقة ، أول معلمة ، أول حب ، أول رحلة ، أول منزل ،أول فشل ، أول كتاب ، أول أبنائي ، أول جهاز كمبيوتر اقتنيته ..... ) أغضبني أن لا تحمل زميلتي في تاريخها انجازاً "أولياً " إلا بالحياة الشخصية وأحياناً بالفشل..!! فأصررت عليها مجدداً أن تعيد النظر في سرد حياتها وتركز أكثر على الأمور الخاصة بالعمل والمهنة .... أجابتني قائلة " بعد تفكير طويل تذكرت أمورا غيبها عقلي الباطن رغبة في حفظ ماء وجهي ولكنها في قائمة "أول" .. ذكرت أول مرة أرسلت بها فاكسا لجهة رسمية وكان ذلك في بداية عملي بإحدى الصحف لم تكن المشكلة أن تكون جهة الكتابة في عملية إرسال الفاكس إلى الأعلى أم إلى الأسفل .... فهذا الخطأ يقع فيه كثيرون ... ولكن ما كنت أفعله مراراً وتكراراً هو تصوير الفاكس قبل إرساله ..!!! " حريصة على الاحتفاظ بالثبوتيات !! " وتابعت " مع بداية اقتحام النت عالمنا الوظيفي والاجتماعي فرحت بتلك التقنية وبمجرد تنفيذي لأهم عملية في ذلك الوقت وهو الحصول على بريد الكتروني خاص بي قمت بإرساله عبر جوالي إلى صديقاتي وأهلي ومرسل في الرسالة الإيميل وبجانبه كلمة السر ..!! أما أول جوال اقتنيته عاش معي معززاً مكرماً بصورة تبدو خيالية فما أن أنتهي من المكالمة حتى أطفئ الجهاز من أجل أن لا استهلك الفاتورة ولا الشريحة ..!!" لم تنته رحلة "أول" من مواقف زميلتي ولكنها استوقفتني فكم من الأحداث في حياتنا تحمل ميزة التجربة الأولى وتستحق الذكر سواء كانت تلك التجارب لنجاح تلقائي أو فشل مدروس ..! لا يهمهم طالبي سيرتنا الذاتية من نكون ولكن يعنيهم ( معنا كيف هم سيكونون ) أما أولئك الذين تعنيهم خبراتنا الناجحة والفاشلة ؛ فنحتاج لأن نكتب لهم نوعاً خاصاً من تاريخنا بل و بالحبر الذهبي .. ماذا لو كتبت أو سجلت تجارب وخبرات آبائنا..؟ ماذا لو سطرنا نحن أيضاً خبراتنا لأبنائنا ..؟ بكم سنحتفظ من الابتسامات .. العبر .. الإنسانيات .. العبثيات .. الذكريات .. التجارب .. النظريات .. في قاموس حياتنا ..؟!