الخفافيش هم من خلق الله، خلقه الله على هيئة غريبة دابة من دواب الأرض يطير بلا أجنحة ولا ريش كالطيور، يطير إقبالة النهار وإقبالة الليل وفي غيرهما قل أن يُرى، وله أسرار وعجائب ليس مقصودي ذكرها هنا. هذا المخلوق الغريب أصبح مضرب مثل لمن لا يُرى إلا قليلاً أو لمن لا يُرى إلا متخفياً أو يُرى وقتاً يسيراً وسرعان ما يختفي، ويضرب مثلاً لمن يخفي شيئاً يدبر له في جنح الظلام لا يظهره لأحد، وهذا أخطر ما يكون، ومسكين الخفاش حيث ضرب به هذا المثل وشبه بهذا التشبيه، لكن يعذر من شبه هذا التشبيه وضرب هذا المثل لكونه لا يوجد للمشبه به مثل إلا هذا المشبه وفي التشبيه تحذير من المشبه به الذي ما سلك مسلك الخفاش إلا لغرض مشبوه وطوية غير حسنة يخفيها، يدير أمره في الخفاء ويستغل جنح الظلام الدامس لتحقيق مقاصده وأغراضه السيئة، ولا يخلو مجتمع ولا زمان ولا مكان من خفافيش الظلام ولا يجلى حالهم وسترهم الظلامي الأسود إلا شمس الحق وكاشفات الهدى والرجال المخلصين. والمتشبهون والمشبهون وإن أخفوا أنفسهم كالخفافيش فهم منكشفون، وانظر أخي القارئ وقلب نظرك واسرح بفكرك هل ترى هذه الخفافيش؟ هل تراهم في جنح الظلام يتخاطفون؟ فإذا أصبحت رأيت الناس يتكلمون عن ذاك وذاك وأنه قال وفعل و.... مما لا يمكن أن يقوله أو يفعله جهاراً نهاراً. ألم تر هذه الخفافيش في بعض القنوات المشبوهة ومواقع الإنترنت والصحف المأجورة؟ أرأيت من يدعو إلى فتنة في المجتمع، أو يروج الإشاعات والقصص الكاذبة يقدح في ولاة الأمر والعلماء في بلادنا، ويفتري عليهم ويغذي فكر التكفير فكر الخوارج، فكر الفساد والإرهاب الأمني وبتعاون مع الأعداء الحاقدين في تنفيذ مخططاتهم ومآربهم الآثمة في بلادنا. أرأيت من يدعو إلى عبادة لا أصل لها في الشريعة ويدعو في الخفاء إلى ترك التمسك بالكتاب والسنة، أرأيت من يدعو إلى فساد خُلقي من خلال الدعوة إلى عدم التقيد بالأوامر والنواهي الشرعية، التي تنهى عن الانزلاق في درك الفساد والانحلال الخُلقي والبعد عن مواطن الفتن والريبة، أرأيت من يدعو إلى اختلاط المرأة بالرجل والخلوة بينهما والشيطان ثالثهما كما أخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم، أرأيت من يدعو المرأة إلى الخروج بدون قيود ومنافسة الرجل في كل ميدان وينسى حكمة الله في تسخيره الرجل للكسب والمرأة للتربية والرعاية للأجيال، وينسى النتائج المفزعة للمرأة الغربية تفكك أسري، ضياع، انحلال، لقطاء، أمراض نفسية.... فأي بلية يريد هؤلاء على عقيدتنا وأمتنا وشبابنا ومجتمعنا. يظهرون النصح في وضح النهار، ويسعون سعي الخفافيش في الظلام، أليس هؤلاء خفافيش الظلام. ٭ كاتب العدل بالرياض