* من يراقب المشهد الداخلي بعقلانية واعية، ويقرأ المستجدات، والتحولات، والشجاعة في اتخاذ القرارات الإصلاحية داخل البيت السعودي، ومن يكون متمكناً في وعيه وإدراكه ، مستشرفاًً آفاق المستقبلات الآتية ويتوقف في قراءة هادئة ومنصفة أمام توجهات، وأفكار، ورؤى القيادة يجد أن هناك عزماً صادقاً، ونوايا مخلصة في اتجاه التغيير، والتحديث، وصياغة الإنسان على أسس معقلنة ومعلمنة في شتى مضامين الحياة إن معرفية، أو ثقافية، أو تعليمية، أو اقتصادية، أو أسلوب حياة، وتفاصيل سلوك يومي مع التمسك القوي والثابت والمؤكد بثوابت العقيدة، وما عداها فهو قابل للتحول، والرفض، والوأد أحياناً. فما نسميه عرفاً اجتماعياً، وعادات، وتقاليد هي سلوكيات متوارثة أسسها التعامل والظرف الاجتماعي، ولا تدخل مطلقاً في دائرة المقدس، أو الثابت الذي لا يمكن تغييره، أو نسفه ، وهي بالتالي تظل قيوداً تسربل عزائمنا، وتقيد خطونا نحو صياغة النمو، والتنمية، وتحديث حياة المجتمع، وانعتاق الإنسان في رحلته إلى تحقيق مكانة تحت الشمس للوطن، والتاريخ، والجغرافيا، وفعل الإنتاج، والعطاء، والمشاركة. من يمنح نفسه لحظة تفكير، ويعطي لمداركه واستنتاجاته قراءة عقلانية ومفكرة لما يحدث من حراك على مستوى القرار السياسي، والاقتصادي، والتربوي، والتنويري يجد، أو يصل إلى قناعة بأننا بدأنا عصراً جديداً، ومرحلة مفصلية في تاريخنا الحديث ، وهي مرحلة مهمة ستفضي بنا إلى حالة عبور شجاعة إلى فضاءات التكامل في كل مناحي الحياة، وتنوع مصادر دخلنا، واتخاذ مواقعنا المفترضة في مشاركة العالم نهضته وتطوره، وعولمته، وإنجازاته فليس بالنفط وحده يمكن أن نطمئن إلى مسيرة الأجيال القادمة، ولكن باستثمار عقل الإنسان، وإعداده، وتدريبه، وتهيئته للمواجهة، والخلق، والإبداع، والابتكار. أحسب أن عصراً جديداً قد بدأ، ومعه تبدأ التحولات الإيجابية. وأحسب أن مرحلة جديدة من عمر الوطن المديد والطويل والقائم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قد بدأت طلائع فجرها في وضع الأمور أمام رؤية واضحة ؛ فالقرارات الاقتصادية، والتعديلات الوزارية، ومنهجة عمل القضاء، والمؤسسة الدينية، وقوننة هيئة الأمر بالمعروف، والحد من التجاوزات التي يقوم بها أشخاص غير مؤهلين تعليمياً وفقهياً ، وإسناد الأمر إلى أهله من أصحاب العلم المتمكن والمتسامح والذين يرون في عمر وأبي ذر قدوة حسنة، إلى جانب أن المرأة وهي نصف المجتمع بدأت تأخذ دورها الحقيقي في بناء المجتمع، وصناعة القرار، والدخول إلى عالم الإنتاج وتوظيف العقل. والإيمان بأن المجتمع الذي لا تشارك المرأة في صناعة وصياغة حياته هو مجتمع مشلول كسيح أعرج لا يمكن له ركوب عربة القطار الذي يمر أمامه. نحن متفائلون جداً، ألف جداً بمستقبل الأيام، وأحسب أن المستقبل يحمل الكثير من المفاجآت المبهرة والآخاذة.