حديث الأوسكار، عن الذي حضر ولم يحضر والذي فاز والذي ترشح والذي خرج يحمل الخيبة، وعن فستان هذه وحذاء تلك ومجوهرات الأخرى وابتسامة الثالثة وتصريح الرابع للصحافة وخطاب الخامس عند قبوله الجائزة. فيلم "مليونير الأحياء الفقيرة" إن صحت الترجمة والمقتبس من رواية لكاتب وديبلوماسي هندي نال حظه من جوائز الأوسكار هذا العام. القصة تتحدث عن فتى فقير لا يملك ذاك القدر من التعليم أو المعرفة يثير الشبهة نتيجة إجابته على جميع الأسئلة في برنامج "من يربح المليون؟" واقترابه من الفوز بالجائزة، مما يدفع بالسلطات للتحقيق معه في محاولة لحل اللغز، الكل يتوقع أن هناك خدعة ما أو وسيلة ما تمكن بها هذا الشخص من أن يغش حتى يقترب من الجائزة، بينما التفسير أبسط من ذلك ويصعب علينا أن نتخيله بكثير ويظهر من خلال سلسلة من الأحداث المسبقة التي توضح كيف عرف الشاب إجابة الأسئلة من خلال تجارب ومواقف مرت في حياته. نحن نعيش قصة حياة هذا الشاب الصعبة في الأحياء الفقيرة من خلال مشاهد الفيلم المختلفة. وهي قصة ثرية تؤرخ لك المدينة وأحياءها من خلال شخصيات ومواقف تمر بهذا الشخص أو يصطدم بها هو. جمال القصة والفيلم في توظيف برنامج جماهري كبير تعرفه الدنيا بكل لغاتها ولهجاتها لتوصيل فكرة تدور حول الأمل وتحمل الظروف الصعبة والتعايش معها. الفيلم أثار حفيظة البعض من خلال عدم اقتناعهم بالصورة النمطية المجحفة على حد قولهم في وصف الأحياء الفقيرة وكأن كاتب الراوية غريب عن البلد التي يكتب عنها وعن تفاصيلها والبعض الآخر اعترض على عدم واقعية القصة وبعدها عن الحبكة لكن منذ متى كانت كل الأفلام تسجيلية واقعية! ربما يكون الاحتفاء بالقصة والفيلم مبالغ فيه، وربما يكون للنقاد المتخصصين نظرة فنية لا يمكن لمن هم مثلي فهمها، لكنني أجد الفكرة جميلة جداً وأجد في تصوير الفقر والأحلام والأمل من خلال الأحداث المختلفة مبهراً. الفيلم أعطى فرصة للبعض عن الحديث عن ثراء بوليود بألوانها الصارخة وغزوها لهوليود. في نظري ما يجعلك تتوقف أمام الفيلم والقصة هو ذاك الكم الانساني في فكرتها وأحداثها في الشخصيات الثرية التي تذكرك بكم القباحة والجمال الذي نحمله. هل لو أن الشاب من الطبقة الثرية أو الطبقة المتوسطة المتعلمة كان سيثير الشبهة؟ سؤال قد يخطر على بالك فيما لو شاهدت الفيلم. الفيلم يدفعك لأن تفكر في عدم احتقار وتسفيه تجارب الآخرين، ويذكرك أن الإنسان بغض النظر عن ظروفه والطريق الذي يسلكه في حياته جدير بالتأمل الفيلم قد يجعلك تتوقف أمام كثير من الشخصيات البسيطة التي تمر بها بدون أن تعيرها انتباهاً رغم أنك قد تتعلم منها الكثير، الفيلم يذكرك بأن عليك أن تنظر للأسفل أحياناً وأن ترفع رأسك في أحيان أخرى وأن لا تجعل نظرك محدوداً بخط أو زاوية معينة.