هو الذي لم يهو الشعر يوماً أو يتغنى بعروضه ولم يكره الدراسة إلا بسبب دروس النحو والأدب قد تفرغ فجأة لجمع ما استطاع جمعه من مفردات اللغة ودواوين الشعر المعبرة عن شوقه ولواعج قلبه المتيم بعشق الحبيبة مالكة قلبه وفؤاده، اختارها الأهل حبيبة له بالحلال وشريكة لحياته القادمة. عندما جلس معها عرف فجأة أن بصدره عضو يرتجف من مشاعر لم يعرفها من قبل أن يرها فهو لم ير قط امرأة لا يفصله عنها سوى صينية الشاي.. أو مبخرة العود. عاد لبيته لا يطيق نفسه فقد ترك قلبه هناك مع الخطيبة والأيام التي ستستعد بها لبيت الزوجية هي كالدهر بالنسبة له. لا يمل حديثها طيلة الليل ولو كلفه ذلك فواتير باهظة وخلال النوم يتردد صدى صوتها العذب كالبلبل بمسامعه فيسلبه متعة النوم العميق وعندما يصحو مذعوراً يبحث عنها ليجدها مجرد حلم فيصرخ ويحطم ما حوله. جاءت الليلة المنتظرة ومرت أيام العسل أو (الطفة) وبعد فترة تعجب الرجل لم يعد قلبه ينبض بحبها كما كان ولم يعد يتأثر بصراخها وهي تستغيث من جموده وإهماله وسهره خارج العش الصغير كما كان يتعذب من تأثير همسها بمسمعه. ماذا أصاب الرجل هل كان قلبه بفترة إنعاش ثم مات بعدها.. بينما هي قد أصيبت بالإحباط بعد انتهاء المشهد العاطفي هذا ما يحدث بالفعل للكثير من الشباب عندما يقبلون على ما قبل أو بداية الحياة الزوجية بقمة الرومانسية والكلمات المعزوفة بالحب والشوق ثم ما تلبث أن تقبر في أحضان الواقع فيتحول الغزل لتهم متبادلة وصواريخ أرض جو وقذائف بعيدة المدى قد لا تقف إلا بساحات المحاكم وقرار الانفصال. يبتعد عنها وعن مسؤوليتها بنفس سرعة الإقبال عليها وكأن تلك الفترة السابقة (فترة الخطوبة) هي أيام الرومانسية والحب فقط.. ليس الكلام منطبقاً بالتأكيد على الكل، ولكنه على الغالبية العظمى ممن تملأ ساحات بيوتهم كتل الجليد العاطفي والصقيع الودي والبتر الحواري. قبل الوصول للطلاق العاطفي وهو قمة العذاب للطرف المتضرر. غرف نوم تزينها المفارش الفاخرة والأخشاب العالمية المترفة والألوان الدافئة ويسكنها أشباح من البشر قلوب منغلقة على روتين ممل من الأوامر والشتائم: وين الغدا حطو العشا وين شماغي وين ملابسي. وين العيال.. وإذا تطورت المفردات: ليش طالعين ما وراكم والي..؟؟ اليوم عندي اجتماع.. أو ما في سوق ما فيه فلوس ما فيه سفر. فترد هي بالجانب المقابل خصوصاً بعد كثرة الأبناء: يا ليتني ما تزوجت ولا تورطت.. الله أعلم وش وراك على هالطلعات زواج مسيار أو تخطط لسفرة.. أما المسجات فهي كالتالي: اليوم عندي رجال زودي الغدا.. أو كلمي على أخوك يوديك المستشفى. فترد: جب طماط.. خيار.. زيت.. إلخ. قد تكون تلك الرسائل من الضرورات الحياتية ولكن المصيبة عندما لا يكون لها منافس بنوع آخر يذيب قسوتها. لا تخلو الحياة من المشاحنات والتوتر ولكن لا يجب أن ينحل الرابط العاطفي بين الزوجين فهو أساس العلاقة ولو انحل يمكن ربطه بالمبادرة بالصلح أو بجلسة بمكان هادئ بعيداً عن الأهل والأطفال يتذكر كل منهما تلك اللحظات الجميلة التي جمعتهما ويجددان العهد كي يجتازا ما يحيط بهما من متاعب العمل والبيت.. هي دعوة لجميع المتزوجين اتركوا همومكم ومشاغلكم ولو لليلة واحدة وبعدها ستكون عادة تجعلكم أكثر قرباً من بعضكم البعض واستمتعوا بما أحله الله لكم ولا تقتلوا السعادة التي بين أيديكم بسبب عناد أو ثأر لكرامة فيترك كل منكما الآخر تائها بين متاهات الحيرة أو البحث عن عاطفة جديدة قد تدمر كل شيء تم بناؤه بجهد السنين وسنوات العمر.