الزهرة رميج، من طينة المبدعين الحقيقيين والقلائل، الذين ينحتون مسارهم الإبداعي والوجودي في تأن وهدوء وتواضع أيضاً، بعيداً عن محاولات شد الانتباه بأية طريقة.. مسكونة بالإبداع كتابة وترجمة. عضو اتحاد كُتَّاب المغرب، من إصداراتها: "أنين الماء" (قصص)، "أخاديد الأسوار" (رواية)، "نجمة الصباح" (قصص)، ولها في الترجمة: "تمارين في التسامح"، "قاضي الظل"، "امرأة ليس إلا!" و"نساء في الصمت". وقد خصصت جريدة "الرياض" بهذا الحوار: @ إلى جانب الإبداع تمارسين الترجمة.. أين تجدين نفسك؟ وهل الترجمة خيانة للنص الأصلي؟ وما رأيك في تلك الروايات ال "فلكورية" التي تكتب بالفرنسية أو تترجم إلى لغات أجنبية لاحقاً، علماً أنها كتابات تشوه صورة مجتمعاتنا الشرقية؟ - أجد نفسي في الإبداع قبل كل شيء. فالإبداع هو متنفس المبدع ووسيلته للتعبير عن كل أفكاره وانشغالاته وهمومه، وهو الذي تتحقق فيه ذاته بالأساس. لكن الترجمة أيضاً، تحقق لي المتعة الذاتية وتلبي عندي حاجة داخلية في الانفتاح والمشاركة. فأنا لا أترجم إلا الإبداعات التي تتلاءم مع ذوقي وأفكاري ومواقفي وبالتالي تكون بعيدة عن ما وصفته بالروايات ال "فلكورية" أما عن سؤال خيانة النص في الترجمة، فالجواب نعم. ذلك أن الخيانة في النص الأدبي ضرورية. لا بد أن يتكيف النص المترجم مع قوانين وضوابط اللغة المستقبلة له ليصبح قادراً على التأثير في القارئ ويرقى إلى ذوقه المختلف. لكن لا بد من الإشارة هنا إلى أن الخيانة لها حدودها وضوابطها أيضاً. فلا يمكن لها أن تتم بشكل فوضوي يفقد النص الأصلي جوهره ويقضي على أصالته. على المترجم أن يبدع داخل النص وليس خارجه. @ هل أنصفك النقد؟ وهل تعتبرين الناقد خصماً للمبدع؟ - لا يمكن للناقد أن يكون خصماً للمبدع. ذلك أن كلا منهما يكمل الآخر. إنهما وجهان لعملة واحدة. فلا وجود للنقد بدون إبداع كما لا وجود للإبداع بدون النقد. العلاقة إذن، بينهما جدلية. - لكن ما يلاحظ عن النقد عندنا، أنه يهتم بالتجارب الناضجة أكثر من اهتمامه بالتجارب المبتدئة، ويهتم بالأسماء العربية أكثر من اهتمامه بالأسماء المغربية. مشكلة النقد أنه تخلى عن دوره في الكشف عن المواهب وتقديمها للقارئ، وفي مواكبة جديد الكتابة لتقييمها إن سلباً أو إيجاباً. هذا الواقع يشمل كل الكُتَّاب الذين لا يزالون في بداية طريق الكتابة، وأنا واحدة منهم. @ هل يجوز أن نعتبر الأدب وسيلة لتغيير المجتمع؟ وهل يمكن أن يتصالح المثقف والسلطة؟ أم سيظل المثقف إما تابعاً أو مدجناً أو منعزلاً في برج عاجي خوفاً من بطش السلطة؟ - لا يمكن الحديث عن التغيير عن طريق الأدب بالمفهوم السياسي لكلمة التغيير. لكن الأدب مع ذلك، يستطيع أن يفتح الأعين ويساهم في توعية الناس بطرحه الأسئلة الصعبة وفضحه لمساوئ المجتمع سياسياً واقتصادياً.. متسلحاً بجمالية الفن التي يكون تأثيرها أقوى من الأشكال المباشرة. غير أن هذا التأثير البطيء نفسه، لا يمكنه أن يحدث في ظل أزمة القراءة التي تعاني منها مجتمعاتنا العربية حالياً. @ كان الراحل الكاتب الكبير محمد زفزاف ينعت الناشرين الناشرين باللصوص.. هل تتفقين معه؟ - جوابي، أني طبعت مجموعتي القصصية الأخيرة على نفقتي الخاصة. @ هل سينقرض الكتاب - والنشر الورقي عموماً -، مع طغيان المواقع الإلكترونية والمنتديات الأدبية؟ - لا أعتقد أن طغيان المواقع الإلكترونية سيؤدي إلى انقراض الكتاب الورقي، إذ لا يمكنها أن تحل محله وإنما تتجاوز معه. المواقع الإلكترونية مهمة وعلينا أن نستفيد منها دون أن نجعل منها العدو اللدود للكتاب الورقي. لا يمكن لمن يدمن القراءة أن يدمن شاشة الكمبيوتر باستمرار، على الأقل، حفاظاً على الصحة. كما أن متعة الكتاب - بالنسبة لي - لا تضاهيها متعة الآلة. شخصياً، استمتع كثيراً بملمس الورق ولا يمكنني الاستغناء عن متعة الكتاب وأنا في السرير أو في القطار أو غيره.. ولا شك أن كل من تربى على ملامسة الكتاب سيظل وفياً له، مثلما يظل الكتاب أكثر وفاءً في الاحتفاظ بالمعلومات من الأجهزة الإلكترونية المعرضة دوماً للفيروسات. فلا خوف إذن على الكتاب الورقي. فقد علمتنا التجارب أن الجديد لا يقضي بالمطلق، على القديم.