كان حوار الأديان الذي عقد بمقر الأممالمتحدة في نيويورك وتبناه خادم الحرمين الشريفين فتحاً جديداً للإسلام والمسلمين، فالجاليات الإسلامية في أمريكا وأوروبا تعرضت بعد 11سبتمبر للمضايقات سواء من الحكومات أو من الأفراد العاديين، وزاد من وطأة العداء النهج الإعلامي الذي تبنته وسائل الإعلام سواء كان ذلك بتأثير اليمين المتطرف أو من المنظمات الصهيونية التي وجدت في المتطرفين المحسوبين على الإسلام والمسلمين ضالتها، فاستثمرت أفعالها الوحشية وتصرفاتها المشينة للتخويف من الإسلام والمسلمين، بل ابتدعت مصطلح (الإسلام فوبيا) كغولٍ يتربص بالبشرية، بعد أن انبثق من بيئة متوحشة متخلفة تستهوي رِشاش الدماء وريح القتر كما نعتوه. فجاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي أزاحت عن كاهل المسلمين عبئاً ثقيلاً، وأعادت لهم اعتبارهم خاصة وأن صاحب المبادرة هو خادم الحرمين الشريفين، وبحكم أن بلاده هي مهبط الوحي ومنطلق الرسالة وقبلة المسلمين... لقد أعطت هذه المبادرة دفعة قوية إلى الأمام في مسار السلام ليس فقط في أوروبا، بل أيضاً لدى الساسة في عقر دار إسرائيل معقل الصهيونية وبؤرة التشدد ومنطلق العدوان، وهاهي مبادرة السلام السعودية التي حظيت بإجماع العرب تطفو فوق سطح المساومات ولاءات اليمين الإسرائيلي، وتجاهل الأحزاب الحاكمة في إسرائيل لقد فرضت نفسها ليس لأنها المبادرة الأولى بل لأنها خرجت من رحم الوعي العربي، بعد أن تبناها وصاغها عقل راجح وقائد عاش معاناة الشعب الفلسطيني، وتحسس عن قرب مشاكله ومآسيه.. وفي الأسبوع الماضي اكتسبت مبادرة السلام قوة عندما انترعت عنوة ثناء الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في مؤتمر حوار الأديان حيث قال موجها الحديث للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز: ( إنني أرغب أن يصبح صوتك هو الصوت السائد في المنطقة كلها ).. وقبله قال باراك أوباما الرئيس الجديد للولايات المتحدةالأمريكية: ( إن من الجنون بالنسبة لإسرائيل أن ترفض صفقة يمكن أن تعطيهم السلام مع العالم العربي.) هذه الانطلاقة الخلاقة لم تكن بالتأكيد وليدة الصدفة أو الارتجال، فهي مدروسة جيداً أخذت في الاعتبار التوقيت والأوضاع السياسية السائدة في العالم، واتجاهات الرأي العام العالمي، والبحث في طوفان المشاكل السياسية عن مخرج يعيد الأمن والسلم إلى بلاد استغلت من بعض الأنظمة كوسيلة للهيمنة، واستمالة البسطاء والعامة لتبني موقف قد تكون عواقبه وخيمة على المنطقة، كما قال مستشار الأمن القومي الجمهوري السابق (برنب سكوكروفت) الذي ذكر أن الشرق الأوسط هو أكثر مناطق العالم اضطراباً، حيث يمور بالحروب والفتن المخلة بالأمن والسلم الدوليين.