سادت في مطلع هذا القرن الواحد والعشرين رؤى أحادية في العالم تستند إلى فكر متطرف يؤمن بصراع الحضارات ويتخذ من المواجهة العسكرية والضربات الاستباقية سبيلاً لصد الهجمات والتوجسات المستبطنة وبعد انهيار برجي منهاتن في 11 سبتمبر 2001م، برزت تساؤلات من الشعب الأمريكي مفادها (لماذا يكرهوننا ؟!!) . . وقد لاقت هذه التوجسات الغربية من العرب هوى عند بعض اللوبيات الصهيونية في الغرب والتي تتربص بالمسلمين الدوائر واستغلتها في زرع الفتنة والكراهية لكل ما هو عربي ومسلم . ورغم أن البعض اعتبر سؤال (لماذا يكرهوننا؟) من الأسئلة الساذجة بالنظر للممارسات الغربية إبان فترة الاستعمار الأجنبي للبلدان العربية والإسلامية ولما تنتهجه السياسة الغربية من انحياز كامل لإسرائيل ضد القضايا العربية إلا أن التساؤل يعتبر مشروعاً من قبل المجتمعات الغربية التي تجهل الكثير عن سياسات بلدانها الخارجية وتتشكل معرفتها بالعرب والمسلمين من خلال وسائل الإعلام المغرضة ذات البرامج والأفلام الموجهة ضد شعوب الشرق الأوسط . ومن هنا كانت دعوات ومبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لفتح أبواب الحوار مع أهل الكتاب والغرب عموماً لإشاعة القيم الإنسانية والعدالة والسلام بين الشعوب باحترام الاختلاف وقبول الآخر بخصوصياته الدينية والثقافية ونشر قيم التسامح الديني والتفاهم بعيداً عن المواجهات والفتن المدمرة التي يتبناها المتطرفون والغلاة والفئات الضالة التي لا تعرف سوى القتل والتدمير في سبيل الهيمنة على المجتمعات بفكرها المريض . وتنبع مبادرة خادم الحرمين الشريفين لحوار أتباع الديانات والثقافات من الإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبه وتقوم على منهج قرآني يستند إلى ما أمر الله به في محكم تنزيله بقوله تعالى: (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً..) وهذا ما أعلنه خادم الحرمين الشريفين في مؤتمر مدريد بقوله : (إننا جميعاً نؤمن برب واحد بعث الرسل لخير البشرية في الدنيا والآخرة واقتضت حكمته سبحانه أن يختلف الناس في أديانهم ولو شاء لجمع البشر على دين واحد ونحن نجتمع اليوم لنؤكد أن الأديان التي أرادها الله لإسعاد البشر يجب أن تكون وسيلة لسعادتهم).