حذر عدد من المنتجين والمصدرين المصريين من استمرار قيمة الجنيه المصري على ما هي عليه أمام العملات الأجنبية، مطالبين البنك المركزي بالتخلي عما سموه «الدعم الخفي للعملة المحلية» والاتجاه إلى تخفيض قيمتها أسوة بالعديد من دول العالم التي اتخذت نفس النهج في إدارة الأزمة العالمية. وأكدوا أنه إذا استمرت سوق الصرف على وضعها الحالي فإن النتيجة ستكون تدهوراً في الصادرات وتزايد الواردات من الخارج، مقللين من تأثير الحوافز الحكومية في إنقاذ الاقتصاد القومي. وقال صفوان ثابت عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات إن البنك المركزي تدخل بشكل غير مبرر لدعم الجنيه أمام الدولار وإن كان بشكل خفي، وهو ما قد يؤدي إلى الإضرار الشديد بالسوق، مشيراً إلى أن تحرير سعر الصرف «أمر نسبي» حتى إن كل مسؤولي السياسات النقدية يتدخلون في تداول العملة لاعتبارات سياسية أو أمنية. وأضاف أن القيمة الحالية للجنيه لا تعبر عن التقييم الحقيقي له وإنما هناك مبالغة شديدة، مشيراً إلى أن العديد من الدول خفضت عملتها أمام الدولار للحفاظ على حركة دوران الاقتصاد وزيادة الصادرات فمثلاً الاتحاد الأوروبي خفض عملته «اليورو» أمام الدولار ب20% والاسترليني 25% وفي تركيا تم تخفيضها إلى 30% في حين نجد مصر لا تتعدى نسبة الخفض 2% فقط. وتابع ثابت: هذا الأمر جعل أسعار السلع المصرية أعلى كثيراً من الدول الأخرى التى أجرت تخفيضات على عملتها بما يحد بشكل كبير المنافسة، مشيراً إلى أن الموالح مثلا ستجد صعوبة بالغة في الحفاظ على مكانها بالسوق الخارجية مقابل المنافسة مع تركيا التي أصبح سعرها أقل بنفس نسبة تخفيض العملة. وأكد أن الدعم التصديري الذي قدمته الحكومة بواقع 50% إضافية إلى السابق لن يسهم في مواجهة المخاطر الناتجة عن العملة حتى لو وصل إلى 200%. واتفق معه طارق توفيق رئيس غرفة الصناعات الغذائية، مؤكداً أن قوة الجنيه تدعم الواردات على حساب الصادرات بما سيؤدي إلى إغراق الأسواق المصرية بمنتجات مستوردة.وأكد أن دواعي الحفاظ على قسمة الجنيه، في طريقها إلى التلاشي مع الانخفاض المتوقع في معدلات التضخم والتي قد تتراجع وفق تصريحات الحكومة إلى 7% مع انهيار أسعار السلع الغذائية والحديد والأسمنت وهي الأكثر سببا في تصاعد معدل التضخم الأشهر السابقة.وأضاف أن الجنيه بوضعه الحالي يمثل عبئاً قوياً على الموازنة، خاصة في ظل التوقعات بانخفاض حصيلة الدولار وهو ما يثير التساؤلات حول تمسك المركزي بدعم الجنيه واستمراره بهذه القوة. وقال إن انخفاض قيمة الجنيه سيدعم قطاعات السياحة والتصدير أكثر القطاعات مساهمة في موارد الدولة إلى جانب البعد الاجتماعي، حيث يستحوذان على أكبر نسبة من العمالة وأي ضرر يقع عليهما ينعكس مباشرة على تسريح عمالة وخفض معدلات التشغيل. من جانبه، أكد جلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات أن قوة الجنيه ليست لها علاقة بقوة الدولة، مشيراً إلى أن تخفيض سعر الفائدة سينعكس بقوة على تخفيض سعر صرف الجنيه.أما محمد القليوبي، رئيس غرفة الصناعات النسيجية، فقد دعا إلى وضع سعر صرف متميز للدولار التصديري حالة عدم موافقة «المركزي» على تخفيض سعر العملة، مؤكداً أن المنتجين يعلمون جيداً أن هذا التخفيض سيعود بالسلب على زيادة عبء الدين الخارجي للحكومة، ولكن الصناعة تحتاج إلى تدابير مالية لمواجهة التحركات السريعة للدول المنافسة في خفض الفائدة والعملة.وقال إن سعر صرف الجنيه، مقابل العملات الأخرى ليس دليلاً على قوة الاقتصاد وإنما آلية لمواجهة التضخم، موضحاً أن ارتفاع الجنيه أمام اليورو أو الإسترليني لا يعني أن الاقتصاد المصري تحسن بنفس نسبة الزيادة. وحذر القليوبي من أن تأثر الصناعة سلبا سينعكس بالطبع على البنوك باعتبار أن الأول من أكبر المقترضين، خاصة أن ميزانيات الشركات كلها سواء إنتاجية أو عقارية أو سياحية لديها مشاكل في الأشهر الأخيرة ستزادد مستقبلاً مع الانخفاض المتوقع في الطلب العالمي والذي لن يقل عن 25%.