سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تباين اقتصادي حول قدرة "باراك أوباما" على تغيير ملامح الاقتصاد العالمي البعض يرى أن الجمهوريين أدخلوا الاقتصاد في نفق مظلم وآخرون لا يفرقون بين الإدارة الديمقراطية والجمهورية
تباينت آراء عدد من المحللين الاقتصاديين حول قدرة الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما على تغيير ملامح الاقتصاد العالمي والذي يمرّ بأزمة خانقة نتيجة بعض السياسات الاقتصادية الأمريكية الحالية. وفي الوقت الذي يتطلع فيه الناخبون من الرئيس الأمريكي الجديد إلى إنعاش الاقتصاد وتحسين مستويات المعيشة وتقليل الفروقات الداخلية وزيادة الكفاءة ، أكد اقتصاديون سعوديون أن فوز المرشح الديموقراطي باراك أوباما بالانتخابات يعدّ مصدر اطمئنان للاقتصاد العالمي بعد أن أدخل الجمهوريون الاقتصاد العالمي في نفق مظلم على حد تعبيرهم. وأكد الدكتور صالح السلطان أن الاقتصاد كان الناخب الحقيقي لصالح أوباما في العملية الديموقراطية وأن الأوضاع الاقتصادية إثر الأزمة العالمية الراهنة أوصلت أوباما إلى الرئاسة، وهو ما وضح لدى الناخب الأمريكي كما أن الميل تجاه تفضيل أوباما واضح حتى لدى جمهرة من الأكاديميين الاقتصاديين، وفقا لاستطلاع أجرته مجلة الاكونومست البريطانية مع مئات من الباحثين والأكاديميين، قبيل أسابيع من ظهور نتيجة الانتخابات، بالرغم من أن السياسات الاقتصادية للمرشحين كما يؤكد السلطان كانت متفاوتة. وقال السلطان "يفترض أن تعكس الآراء الاقتصادية المهنية معايير وأصولا مشتركة بغض النظر عن الانتماء الحزبي، وأن تعطي صورة لأحكام عن المرشح للرئاسة للتعامل بين أهداف، يصعب تحقيقها معا، ويتطلب الأمر موازنة في الاختيار، مع مراعاة كسب قلوب الناس..من الأهداف التي تهم الناخبين إنعاش الاقتصاد وتحسين مستويات المعيشة وتقليل الفروقات الدخلية وزيادة الكفاءة، ومن المتوقع وجود قدر من تعارض المصالح بين عموم الناس ورجال الأعمال، والسياسات التي يفضل تطبيقها الفريق الأول قد تتعارض مع السياسات التي يفضل إتباعها الفريق الثاني". وأكد السلطان أن اختيار أوباما لم يكن ذا توافق مع تطلعات رجال المال والأعمال في العالم بالرغم من تأكيدهم أن السياسات الاقتصادية الحالية ليست مقنعة ، وأضاف: "أظهرت المناقشات والمناظرات أن أوباما أفهم بشؤون الاقتصاد ومشاكله من مكين، بل ربما أخذت على المرشح المهزوم مكين عبارات تدل على جهل صريح بقضايا اقتصادية، وهو حقيقة قال عن نفسه أنه لا يفهم في الاقتصاد بالقدر الذي ينبغي ويرى كثير من الاقتصاديين أن أوباما يمتلك قدرات أفضل في اختيار فريقه الاستشاري الاقتصادي مقارنة بقدرات مكين..والمحير في الأمر أن استراتيجية مكين من جهة تخفيض الضرائب وحرية التجارة وإعطاء مرونة أكثر لحركة السوق، كانت استراتيجية أفضل مما عرض أوباما، لكن كثيرا من الاقتصاديين شككوا في استراتيجية مكين، رغم أن أولئك الاقتصاديين ينتمون إلى مدرسة تحبذ تقليل التدخل الحكومي.. ويبدو أن السبب أن أولئك الاقتصاديين كانت لديهم شكوك حول بواعث أفكار مكين. تكونت قناعة بأن سياسات بوش المشابهة كانت بواعثها الأولى أيدلوجية وحزبية أكثر من أنها التزام برؤى يمكن دعمها بقواعد ومعايير المهنية. ونظروا إلى مكين على أنه لين يختلف كثيرا عن بوش.. فريق أوباما الاقتصادي يعكس تصورات لدى جمهور الاقتصاديين، أما مكين فبعض آرائه تعكس آراء أقلية. فمثلا، رؤي إلى أوباما على أنه يتبنى سياسات براجماتية نفعية، مشابهة لسياسات الرئيس الديمقراطي السابق كلينتون. وفي هذا الإطار، كانت أطروحات أوباما أفضل في معظم القضايا، مثل ضبط الميزانية وسياسات الطاقة وزيادة أعداد الخاضعين للتأمين الصحي، وزيادة الرقابة والتنظيم للقطاع المالي، بل كانت هذه نقطة كررها مرارا كبير المستشارين الاقتصاديين لأوباما (قولسبي) أستاذ الاقتصاد في جامعة شيكاغو، مدافع قوي عن السياسات الاقتصادية الوطنية التي يتبناها الحزب الديمقراطي، رغم أنه في الوقت نفسه معدود من ضمن التيار السائد المتبنين للرأسمالية الأمريكية، وقد زود قولسبي أوباما بمجموعة من النصائح التي تبناها في حملته، منها الدفاع عن زيادة التغطية التأمينية الصحية لفئات من المتقاعدين، وزيادة دعم الاستثمار في الطاقة الخضراء أو النظيفة كالشمسية". أوباما ليس المخلص المنتظر أما الخبير الاقتصادي قاهر الطاهات يعتبر أن تصوير الرئيس الأمريكي المنتخب باراك اوباما على انه مصلح الكون أوالمخلص المنتظر للاقتصاد الأمريكي الذي أحاله جورج بوش إلى كومة من الحطام يعد تصويرا قاصرا، مضيفا: "نفهم أن يصدر عن ماكينة الاعلام الاميريكي لدواعي انتخابية لكن لا نفهم ان يتحمس له العرب او غيرهم من المتضررين الاشد تأثرا في جهات العالم الاربع". وأكد الطاهات أنه يعتبر من الثوابت لدولة كالولاياتالمتحدة وعندما يتعلق الموضوع بثوابت الولاياتالمتحدة الاساسية في كل من الاقتصاد أو السياسة فلا فرق بين ادارة ديمقراطية وأخرى جمهورية مضيفا بقوله: "الجدل هنا أشبه بالاختلاف حول قدرة الانسان على رفع 2000كغم من الحديد أو 2100كغم، فهناك المؤسسات المالية والفكرية والعسكرية الكبرى ومراكز القوى العقائدية التقليدية وجماعات الضغط ومجالس ادارة الشركات العابرة القوميات والاحتكارات العملاقة وهناك الكونجرس والاعلام كل هؤلاء يحكمون.. وليس بوسع اوباما ولا غير اوباما أن يصدر مرسوما جمهوريا يحضر بموجبه فيلما سينمائيا على سبيل المثال". واعتبر الطاهات أن القرار في الولاياتالمتحدة يأتي كتعبير عن المصالح الوطنية الداخلية سواء شن الحرب او انقاذ مصرف تجاري متعثر، وعملية الانقاذ بدأت بخطة الرئيس بوش ضخ 700مليار في القطاع المالي الأمريكي، ولم يفعل السيد اوباما شيئا سوى ان اكتفى بتأييدها بصورة مسرحية عقب التحسينات على مشروع القانون، والمفارقة المضحكة المبكية ان الديمقراطيين صوتوا لصالح خطة الرئيس بوش أكثر من الجمهوريين الذي جاء تصويتهم بمعظمه بالرفض. وأضاف الطاهات: "كان اوباما الذي وصف الاوضاع الاقتصادية بالكارثية قد صرح مباشرة عقب موافقة مجلس الشيوخ بالقول: لا يمكن ان نفشل، لا الان ولا غدا ولا السنة المقبلة فإذا لم تكن هذه اللغة الخشبية شعارات انتخابية فماذا عساها ان تكون.. اوباما استثمر انفجار الأزمة الاقتصادية وسط حالة الهلع والذهول التي اصابت الاسواق المالية وأطلق شعاراته النارية العالمثالثية (نسبة للعالم الثالث) ، ولعل ادق تعليق سمعته خلال الحملة الانتخابية بأسرها كان لمستشارة المرشح الجمهوري للشؤون الاقتصادية السيدة كارلي فيورينا الرئيسة التنفيذية السابقة لشركة (هيوليت باركر) والتي قالت بأنه ليس ثمة أحد من مرشحي الرئاسة الأمريكية ونوابهما مؤهل اقتصاديا على ادارة شركة كبرى بحجم (هيوليت باركر) والتي يبلغ رأس مالها السوقي قرابة 90مليار دولار أي ما يزيد بنصف الضعف عن رأس مال شركة سابك البالغ 60مليار دولار". وأضاف: " الخبرة الاقتصادية للرئيس تعني مجلس الاحتياطي الفيدرالي ووزارة الخزانة وول ستريت، والسيناتور الجمهوري كان صادقا مع نفسه عندما اعترف أثناء الحملة الانتخابية بأن حقل الاقتصاد ليس مجال خبرته.. اما باراك اوباما فقد جاءت اليه الفرصة على طبق من ذهب ليستغل انفجار الأزمة في عصر الجمهوريين مع ان ليس هناك أي دليل يثبت أفضلية باراك اوباما في مواجهة الأزمة المالية بدليل تقديمه الدعم الكامل بأغلبية الأصوات الديمقراطية لخطة انقاذ الرئيس بوش دون ان نسمع عن اي طرح اقتصادي بديل سوى في بعض امور سطحية القصد منها المزايدة السياسية مثل تشديد نظام الرقابة على البنوك والمطالبة بمزيد من الشفافية واستبدال شرائح الضريبة.. وهكذا، كما أن المستشارين الاقتصاديين للمرشحيين ماكين واوباما هم انفسهم من نضجت خبرتهم واحتلوا المناصب القيادية المالية تحت حكم ادارة الديمقراطيين والجمهوريين السابقة في ذات الفترة التي تراكمت فيها وانفجرت ارهاصات الأزمة المالية الحالية.. فأين كانوا حين ذاك". واعتبر الطاهات في ختام حديثه أن الحل يكمن بقدرة النظام الأمريكي على اعادة انتاج نفسه من جديد ولايهم ان كان ديمقراطيا او جمهوريا فالفوارق قد تلاشت بين النظامين وامام هذه الأزمة الغالب والمغلوب يشتركان في مصير واحد. أوباما مصدر الاطمئنان أما الدكتور عبدالوهاب بن سعيد القحطاني الأستاذ بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن فيعتبر أن فوز المرشح الديموقراطي أوباما بالانتخابات مصدر اطمئنان للاقتصاد العالمي بعد أن أدخل الجمهوريون الاقتصاد العالمي في نفق مظلم "على حد تعبيره".. كما أنه سيعيد للولايات المتحدة دورها الايجابي الذي فقدته، مضيفا: "أوباما سيعيد لأمريكا دورها الإيجابي في العالم لأن الجمهوريين ادخلوا العالم في نفق مظلم، خاصة في العقدين الأخيرين منذ رئاسة رونالد ريجان إلى جورج بوش الابن وأتذكر قولا لأستاذي المخضرم في الاقتصاد الدكتور بول سيرفيل والذي كان أحد المستشارين الاقتصاديين للرئيس ريتشارد نيكسون، قال إن الجمهوريين يميليون للصراعات ويدخلون أمريكا في حروب لتحسين الأوضاع الاقتصادية الداخلية التي ساهموا في تدهورها، وذلك على حساب الأمم الأخرى".. وتابع: "لقد توقعت الفوز الساحق لأوباما لأن الأمريكيين يبحثون عن تغيير إيجابي يخرجهم من العديد من الأزمات السياسية والاقتصادية التي تهز الولاياتالمتحدة، حيث فقد الأمريكيون الكثير من مدخراتهم جراء انهيار مؤسسات مالية عريقة مثل ليمان بروذرز وواشنطن ميتشوال، وفي ذات الوقت الأمريكيون اثبتوا للعالم أن الديمقراطية لا تزال حية وأنهم يتجاوزون اختلافاتهم العرقية وربما الدينية للوصول بأمريكا إلى بر الأمان كما أثبت الأمريكيون للعالم أنهم متحضرون وعلى درجة عالية من الوعي في جميع الجوانب وخاصة الاقتصادية والسياسية.. وحدة العالم لمواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة قضية محورية لنجاح إدارة الرئيس أوباما الذي أحسن اختياره لنائب الرئيس جوزيف بايدن الذي يتمتع بخبرة طويلة وثرية في الشؤون الداخلية والخارجية مما يساعد الرئيس الجديد لتحقيق الأمن والسلام للعالم. وتوقع أن تتطور العلاقات بين الولاياتالمتحدة والدول ذات العلاقة المتأزمة مع أمريكا مما يضعف بيئة الصراعات والحروب.. وهذا ما يحتاجه العالم من إدارة الرئيس أوباما بالتكاتف والوحدة لتقاسم ثمرات النمو الاقتصادي العالمي.. خطاب الرئيس أوباما حمل الأمل والنوايا الحسنة لجمع شمل القرية الكونية وتوجيه موارد العالم بمختلف أشكالها نحو رفاهية الأمة الكونية.. العالم كما هو معلوم مترابط ويتأثر بما يجري في أمريكا من ايجابيات وسلبيات، لذا أرى ما يراه أي استراتيجي في أهمية قدوم قائد منفتح نحو التغيير الإيجابي الذي ينتشل العالم من أزمات اقتصادية وأخلاقية ساهمت في صنعها الإدارة الأمريكية تحت قيادة عائلة بوش".