أخيراً.. يبدو أن أقدم نية سيئة في التاريخ على وشك التحقق.. فقبل فترة بسيطة قرأت خبرا يفيد باختراع بوابة أمنية في مطار نيس الفرنسي تظهر المسافرين عراة.. وهي تعمل من خلال موجات دقيقة تخترق الملابس الخارجية وتكشف عن سطح الجلد وأي أسلحة وممنوعات قد يخفيها المسافر.. وتدعي الشركة المصنعة أن هذه التقنية تضمن الخصوصية والسرية للركاب كونها تظهر صورة الأعضاء الحميمية مشوشة - كما سيتم تخصيص نساء لرؤية صور الإناث ورجال لرؤية صور الذكور (وهو ما يخيفني أكثر).. والغريب أن اللجنة الفرنسية للحريات لم تعارض مبدأ الفحص ذاته، في حين وافقت المفوضية الأوروبية على تعميم التجربة في مطارات مدريد وموسكو وشيبول الهولندي خلال الأشهر التالية! .. وهذا الاختراع (الفاضح) أراه شخصيا تطبيقا حديثا لأقدم نية تلصص في التاريخ.. فمنذ القدم وهناك من يفكر بابتكار "زجاجة سحرية" أو "عدسة بصرية" أو "كاميرا خفية" تتيح لمالكها رؤية الفاتنات.. على حقيقتهن.. وحين تبلورت النهضة العلمية الحديثة في أوروبا - وتوالت اكتشافات الأشعة الطيفية المختلفة - زادت نسبة الهواجس والشائعات ذات العلاقة.. ولأنها رغبة إنسانية هابطة لوحظت ورصدت (كحلم وفكرة) في كافة المجتمعات البشرية.. وأذكر أيام المراهقة أن أحد الأصدقاء أخبرني بأن الشرطة ألقت القبض على شاب يلبس نظارة كاشفة أمام ثانوية للبنات. وحين أبديت شكي بوجود نظارة كهذه قال بإصرار: "أختي مديرة المدرسة وهي من أبلغ الشرطة؟". وحينها افترضت أحد أمرين: إما جهل أخته الفاضلة أو تسرع الشرطة في اعتقال كل من يتأنق أمام مدارس البنات... وبعد أسبوعين من الاحتلال الأمريكي لأفغانستان نظمت في كابول مظاهرة حاشدة - ليس ضد الاحتلال نفسه - بل ضد النظارات السوداء التي يلبسها الجنود الأمريكان وقيل إنها تكشف ماوراء الشادوف (او العباية) الافغانية.. وحينها نصحت القيادة الامريكية جنودها بالتقليل من لبس النظارات الشمسية وتقديمها للتجربة لكل مواطن أفغاني يشك بحقيقتها.. .. على أي حال.. لو سألتني قبل كتابة هذا المقال لأجبتك بدون تردد ( لا توجد نظارات كهذه ) وأقرب اختراع ممكن (قبل التجربة التي تمت في مطار نيس) عبارة عن شاشات زجاجية ضخمة يظهر المسافرون خلفها كهياكل عظمية متحركة. وهي شاشات أمنية (تستعمل الأشعة السينية) لكشف أي أسلحة أو متفجرات قد يخفيها الشخص تحت ملابسه.. ومن المعروف أن الأشعة الضوئية (التي نرى من خلالها) ليست إلا طيفا واحدا ضمن أشعة كثيرة تدعى "الموجات الكهرومغناطيسية".. فبجانب الضوء هناك الاشعة الحرارية والاشعة الراديوية والاشعة السينية والأشعة الفوق بنفسجية (وجميعها استعملت لرؤية عالمنا بطرق مختلفة): @ فالأشعة السينية مثلا استعملت في المستشفيات لرؤية الاعضاء الداخلية في الجسم ولو كانت أعيننا تستعملها (بدل الأشعة الضوئية) لرأينا الناس يسيرون في الشوارع كهياكل عظمية متحركة @ ولو كانت أعيننا تستعمل أشعة جاما (التي تملك طولاً موجياً أقصر) لأمكنها اختراق الجدران وصفائح المعدن والهياكل العظمية (ولكنك لن ترى حينها أي شيءلأن بصرك سيخترق كل شيء)! @ أما لو قدر لأعيننا استعمال الأشعة الراديوية لغدت (مثل التلسكوبات اللاسلكية) قادرة على رصد الموجات الراديوية التي تطلقها النجوم والمجرات ولرأينا من الكون أضعاف أضعاف مانراه بالتلسكوبات العادية!! @ أما لو كانت تستعمل الأشعة الحرارية فسيتاح لنا حينها الرؤية في الظلام (تماما مثل المناظير الليلية التي ترصد أي مخلوق يتحرك في العتمة من خلال الحرارة الصادرة من جسده)!! ... وعودة الى موضوعنا الأساسي: .. أنصح بلبس سراويل قصدير في مطارات أوروبا!