تستكمل "الرياض" في الجزء الثالث من سلسلة التحقيقات عن اعترافات "مدمنين سابقين" للمخدرات حيث تعرض في هذه الحلقة تفاصيل حياة متعافي ظل يتعاطى المخدرات لفترة تجاوزت (25) عاما لم يستطع بسببها تجاوز دراسته في المرحلة الابتدائية، فكان زوجا عديم الفائدة. وبعد هذه السنوات الطويلة توقف عن تعاطي المخدر وأصبح مرشدا للتعافي في مجمع الأمل بالشرقية، وكان له دور في تعافي الكثير من مدمني المخدرات. وجد محمد السبيعي وهو ما يزال وقتها في المرحلة الابتدائية نفسه تنزلق في منحدرات متتالية، كان بدايتها الغياب عن المدرسة والتدخين حتى وصل الى مرحلة تعاطي المخدرات التي جرب كما يروي ل "الرياض" جميع أنواع المخدرات حتى وصل لمرحلة خلط عدد من أنواع المخدرات لعله يصل إلى نشوة التخدير.. الحي.. والمدرسة يقول السبيعي: كنت في الحي على علاقة مع أبناء الجيران البعيدين عن الرقابة الأسرية لذلك لم نجد من يردعنا حيث اننا نغيب عن المدرسة ولا ند من يحاسبنا، مما زاد شعورنا بالحرية غير المسؤولة وكان هذا الغياب والاهمال سببا في رسوبنا في الدراسة بشكل متكرر فلا نستطيع تجاوز مرحلة دراسية الا بعد الرسوب فيها أكثر من مرة حتى أن البعض كاد يفصل من تكرر الرسوب، وفي تلك الفترة كنا ندخن ونعبث تقليدا للكبار لعلنا نجد في أنفسنا شيئاً كبيراً يجعلنا نتجاوز مرحلة الطفولة التي فشلنا في الاستمتاع في تفاصيلها مثل بقية الأطفال الذين ندرس معهم ولم نستطع ان نلعب او ندرس او نعيش الطفولة الحقيقية التي تدمرت بسبب بعض أبناء الجيران الذين كانوا يعيشون في بيئة أسرية ملوثة بأجواء المخدرات حيث كان البعض يجلب لنا الحبوب والخمر لكي نتعاطى كما يحدث مع الكبار. ويضيف السبيعي: هذا الوضع أدى الى تدهور وضعنا الدراسي كثيرا وأصبحت أعمارنا لا تليق بعمر طالب يدرس في المرحلة الابتدائية حيث قامت المدرسة بتحويلنا الى الدراسة ليلاً مع الكبار خوفا على الطلبة الصغار من الدراسة معنا والتأثر في اهمالنا وسلوكنا السيئ، وحتى هذا الوضع لم يدم طويلاً حيث اننا فصلنا من المدرسة واتجهنا للبحث عن وظيفة. مرحلة الوظيفة والزواج وقال السبيعي بعد ان فصلت من المدرسة بدأت البحث عن وظيفة ولأن شهادتي كانت في المرحلة الابتدائية واجهت صعوبة كبرى إلى أن جاء الفرج عن طريق احد الاقارب حيث عملت في احدى الشركات الكبرى وكان العمل فرصة جديدة لي للبدء بحياة خالية من تصرفات المراهقين والعبث في الشوارع كما هو حالي في السابق. بالفعل بدأ السبيعي في عمله الجديد الا ان البيئة التي تعلم من خلالها استخدام المخدر ما زال يتواصل معها ، مما أثر على أدائه في العمل وأصبح غيابه اكثر من حضوره. قرر ذوو السبيعي تزويجه اعتقادا منهم ان الزواج هو الحل الأمثل لابعاده عن أجواء المخدرات التي يعيشها. ويقول السبيعي عن زواجه لقد كنت الوحيد الذي لا يعلم انني عريس بسبب تناولي كمية كبيرة من الخمر المسكر حتى انني لا اتذكر تفاصيل يوم زواجي بسبب حالة السكر التي كنت اعيش فيها تلك اللحظة. واضاف: لقد فشل زواجي بالرغم من تحمل زوجتي. حيث انني كنت بعيدا وغير جدير بالحياة الزوجية التي اراد اهلي اصلاحي عن طريقها، لذلك انتهت بالطلاق والانفصال، لاسيما بعد سجني بسبب تعاطي المخدرات. الحياة الجديدة. ويشير السبيعي الى أنه قرر التوبة والابتعاد عن المخدر بعد نصيحة عدد من الأصدقاء له وبالفعل نجح في الابتعاد عن المخدر، وكانت آخر جرعة يتذكر انه تعاطاها قبل ثمان سنوات، حيث كانت هذه السنوات أجمل أيام حياته حيث أكمل دراسته المتوسطة ثم الثانوية وحصل على عدد من دورات ارشاد المدمنين تجاوز بها جميع الظروف والسنوات التي ضاعت في الماضي، وبات من اهم المرشدين في مجمع الأمل في المنطقة الشرقية الذين كان لهم دور كبير في تعافي عدد من الشباب المدمنين على المخدرات واشرف خلال عمله على عدد من الدورات التي تعقد ويشارك فيها المتعافون الجدد. ويؤكد السبيعي على أن هناك مواقف قام بها خلال فترة الادمان تجعله يشعر بالندم على ارتكابها بعضها يتعلق باهله وتقصيره معهم واخرى تتعلق باهماله اداء الصلوات بالاضافة الى الافطار في نهار رمضان حيث كان يمثل هو وزملاؤه السفر الى خارج الدمام من أجل الافطار وتناول المسكر. ويقول: لقد كنا نستخدم هذا الاسلوب من أجل تناول المخدرات حتى اننا لا نأكل شيئاً نأخذ معنا المخدرات وعندما تجاوز البنيان نقف للتعاطي، وفعلنا ذلك كثيراً وهو امر يؤثر على نفسيتي ويشعرني بالندم كثيراً. وقدم السبيعي في ختام حديثه الشكر الى المسؤولين في وزارة الداخلية والادارة العامة لمكافحة المخدرات على وقفتهم مع المدمنين والمتعافين.