تأملت عقارب الساعة الراكضة نحو يوم لم أسمه بعد! استدرت خلفي لأجدك رجلاً تلتحف.. حروف الأبجدية تنتصب منك أربعة حروف كتاج يعلو مقدمة رأسك ومالحب إلا هوية المسافرين مثلنا الواقفين في صف طويل يبحثون في وجه الواقفين أمامهم وخلفهم عن فرح يشبه العيد فلم نجد إلا الصمت منحوتاً على شفاههم. فقد أهدانا القدر خارطة لمدينة مهجورة ان دخلناها أحييناها من جديد! نحن لم نجرب بعد... وحشة الفراق في طرق مظلمة مبهمة الملامح نحن لم نجرب بعد.. الطيران بطائرة ورقية نحلق بها فوق مدينة تخنقنا رائحتها المنبعثة من جثث ذكرياتنا وهي تسند ظهرها على كراسي المقاهي عندما تشابكت أصابعنا العشرون فيها! من جثث ذكرياتنا وهي تحتضن بعضها في أروقة تلك المدينة وهمساتنا المختبئة في زواياها من جثث قبلاتنا المرمية على الأرصفة المالحة! نحن لم نجرب بعد.. الغرق في محيط من الاستفهامات وأسئلة لماذا وكيف نحن لم نجرب بعد.. مرارة الهاتف الصامت.. والرسائل المهملة والعطر الممزوج بأجساد خالية من أرواحنا والصوت المتدفق من حناجر ليست لنا نحن لم نجرب بعد.. كيف يموت الحب ويتدلى من شجرة الحلم مبتسماً! نحن لم نجرب بعد.. كيف ندفن الحب نصلي عليه معاً... ونبكي عليه معاً ونزيح الغبار عن الذاكرة كي نستعيد الأيام الراحلة التي سرقتها منا لحظة يأس.. نحن لم نجرب بعد.. الاستسلام للحظات العاقلة الخالية من الجنون نحن لم نجرب بعد.. كيف نكون قصائد يغنيها أشخاص آخرين غيرنا وعناوين يقصدها أشخاص لا نعرفهم ولكن نكون مجبرين على استقبالهم نحن لم نجرب بعد... كيف نتقن فن لبس عباءة النسيان وتجرع كؤوس الحزن حتى الثمالة وأعضاؤنا المشلولة أمام القدر وهو يسرق منا أكثر الأشياء جمالاً بأصابعه العارية ولم نجرب بعد... طعم الدموع شهقة بكاء واحدة عندما تغرق مملكة حبنا بالطوفان وتترك في عيوننا تذكاراً لا ينسى!!! سارة سلمان العبدالمحسن - المنطقة الشرق