تفتح المدارس أبوابها كل صباح لاستقبال آلاف الطلاب والطالبات والذين يدفع بهم المجتمع لتلك المؤسسات التربوية لتربيتهم على القيم النبيلة وترشيد سلوكياتهم..وتعليمهم ليكونوا مواطنين صالحين مؤهلين قادرين على خوض غمار الحياة بكل قوة وتحقيق النجاح المأمول والذي تجيّر فوائده ومكتسباته لصالح الوطن . هذا ما يريده المجتمع من المدرسة!! أي أنه قد أوكل المهمة لمن هم جديرون بها وتأسيساً على ذلك فإنه قد وضع ثقته بمن يتولون أمور التربية والتعليم..وبعد هذه الثقة يفترض أن تكون المدرسة مهوى أفئدة الطلاب وخيارهم الأول وبالتالي تزداد لهفتهم لشروق الشمس كي يتجهوا لمحبوبتهم المدرسة.. المدرسة الجاذبة بكل ما تحويه من مغريات كالفصول الواسعة المهيأة بكل ما يعينهم على التعليم والميادين الفسيحة والملاعب والحدائق الغناء..والأسرة التربوية الحانية التي تحتضن الطلاب..و النشاطات المتنوعة والمشوقة إلى آخر القائمة من متطلبات التربية والتعليم. الطلاب الذين يخرجون من بيوتهم التي ينعمون فيها بالخير يتوقعون أن يجدوا مدرستهم بيئة جاذبة تجعلهم لا يملون من البقاء فيها لأطول فترة ممكنة.. لا أن تكون بيئة طاردة تفتقد أبسط مقومات العملية التعليمية. كيف يتسنى للطلاب أن يدرسوا في فصول بحجم "علب الساردين" ..مكتظة بالطلاب..وتلوث أجواءها الأنفاسُ المنبعثة من صدور الصغار وزفرات الكبار..وأحواش المدارس التي لا تصلح إلا للمطاردات الطلابية..وقد خلت من أية وسائل للترفيه. عندما تقرع أجراس المدرسة يساق الطلاب إلى الفصول إذ يسيرون بتثاقل لا ينم عن أي رغبة.. خمس وأربعون دقيقة سيقضونها وكأنها عمر بأكمله..فماذا ينتظرهم داخل الصف المدرسي؟؟ اجلس يا ولد.. "عيب يا بنت" .. لا تتحرك..لا تتكلم..افتح الكتاب..اغلق الكتاب..لا تضحك..لا تبتسم.. لا تفرقع أصابعك..لا تنظر للإمام ولا للخلف ولا لليمين ولا لليسار..ولا إلى أعلى ولا إلى أسفل.. اربطوا الاحزمة وشدوا وثاق الطلاب وكمموا أفواههم ليتمكن المعلم من إلقاء درسه وصبه في رؤوس الطلاب صبا..بأسلوب إلقائي بحت وما على الطالب إلا الحفظ ثم التسميع لتكون فرحتنا في النهاية بخريجين يحملون أوراقاً لا أفكاراً وعقولاً جامدة مقولبة غير قادرة على العمل . الطلاب أثناء تلك الدروس المملة والمناهج الجامدة وطرق التدريس البالية يتعمدون إضاعة الوقت لتمضي تلك الدقائق الثقيلة بأسرع ما يمكن..!! أجسادهم في الداخل وعقولهم في الخارج!! طالب يرفع سبابته ليستأذن معلمه لو سمحت يا أستاذ!! المعلم..إلى أين إن شاء الله؟؟ سأخرج لبعض دقائق يا أستاذ؟؟ ولماذا تخرج ؟ يجيب التلميذ أريد الخروج إلى دورة المياه .. وطالب آخر يطلب الاستئذان ليعيد القلم الذي استعاره من زميله في الفصل الآخر..وطالب آخر هبط عليه المغص فجأة ودون مقدمات المهم الخروج. حجج طلابية تتكرر في كل حصة طيلة اليوم الدراسي انتظارا للفرج الكبير عند قرع جرس آخر حصة في اليوم الدراسي.. في تلك اللحظة المنتظرة ينطلق الطلاب من كل أرجاء المدرسة بحثا عن المخارج الرئيسية.. ليتدافع الطلاب ويتزاحمون وكأنهم يهللون فرحين ومستبشرين بإطلاق سراحهم.. ولينتظروا دون شغف صباحا مدرسيا آخر قد لا يكون أحسن حالا من سابقه.