تشهد مراكز التسوق في المملكة مع دخول العشر الأواخر من رمضان المبارك ازدحاما شديدا لا يتكرر طوال أيام السنة وذلك استعدادا لعيد الفطر المبارك. فالأسر السعودية خلال الأيام التي تسبق العيد، تكون في حالة استنفار قصوى وتتنقل بين الأسواق التجارية لاختيار الملابس واحتياجات العيد وقبلها بقليل بين محلات الخياطة والمشاغل النسائية. ويصطحب الآباء والأمهات عادة أطفالهم لاختيار أفضل الملابس وشراء هدايا العيد لهم أيضا فيما الشبان والشابات هم من يختار لأنفسهم احتياجات العيد دون تدخل من احد. ورغم الفرحة والبهجة التي تقترن باستقبال مناسبة العيد سواء في نفوس الصغار والكبار إلا ان مصاريف العيد وحاجياته تثقل كاهل أولياء الأمور وتشكل عبئاً كبيرا على مرتباتهم او مدخراتهم خصوصا ان العيد يأتي بعد شهر رمضان المبارك والذي تكون المصاريف فيه اكبر اذ تستمر ثلاثين يوما، فهي بالتأكيد تكون مرهقة لميزانية الأسرة. يؤكد الشاب صالح الوسيدي ان للعيد طعماً ومذاقاً خاصاً لا يتكرر في العام سوى مرتين لذا علينا ألا نضيع الفرصة او نفُقِد العيد بهجته على الأقل في عيون الأطفال مضيفا انه يصرف لهذه المناسبة أربعة آلاف ريال كي يحقق السعادة لعائلته وخصوصا أطفاله حسب قوله. من جهته ذكر احمد العبدالكريم انه يلجأ عادة إلى السلفة والاستدانة لتوفير مستلزمات عائلته للعيد من الملابس والهدايا والحلويات مضيفا الراتب لا يكفي لتغطية مستلزمات العيد المكلفة فهناك ملابس الأطفال وكماليات النساء، ولا ننسى ان رمضان له مصاريف كبيرة تؤثر بشكل كبير على ميزانية الأسرة. الشاب إبراهيم السرهيد أوضح من جانبه ان المناسبات لدى الأسر السعودية كثيرة وتأتي متوالية لذا يجب وضع ذلك في الحسبان حتى لا يحدث الارتباك في الميزانية مضيفا أضع لنفسي وأسرتي ميزانية منظمة اجبر نفسي على الالتزام بها وعدم تجاوزها مهما كانت الظروف لذا وجدت الراحة مع هذه الطريقة. وأكد السرهيد ان مصاريف رمضان كبيرة على الأسر السعودية التي تلتزم بعادات وتقاليد في الأكل والأكلات المشهورة لديها كذلك تأتي مناسبة عيد الفطر ومصاريفه الكبيرة التي تسبب إرباكا للكثيرين إضافة إلى ذلك ستحل مناسبة العام الدراسي الجديد والتي بلا شك لها مخصصات مالية تزاحم مقدار ما تم صرفه في مناسبة العيد. ونصح الشاب السرهيد الشباب المتزوجين بتعويد أنفسهم على تنظيم الصرف وتقنينه حتى لا تحدث مشكلات ترهق ميزانياتهم. على الجانب الآخر تحدث احد بائعي الأقمشة النسائية (فضّل عدم ذكر اسمه) حيث قال : حالة استنفار في مراكز التسوق والأقمشة لأنها تعتبر موسما لذا ترتفع الأسعار لكثرة الطلب، مضيفا في الأيام التي تسبق العيد يكون البيع في ذروته فتجد المتسوقين يسابقون الزمن ويشترون دون مساومة على أي سلعة وخاصة النساء.. واعترف بائع الأقمشة ان الأسعار تتغير مع قرب موعد مناسبة العيد فيما تعود الأسعار إلى الركود نظرا لقلة الطلب وكثرة المعروض. وعزا الكاتب والمستشار الاقتصادي الأستاذ طلعت حافظ تأثر ميزانية الأسر السعودية وتعرض أفرادها للضغوط المادية في مناسبات الأعياد إلى سوء التخطيط وضعف الوعي متهما كذلك العادات والتقاليد الاجتماعية بالتأثير السلبي على الأسعار. ويؤكد حافظ: الأعياد والمناسبات تضاعف من حدة الضغط على دخل الأسرة السعودية وذلك لسوء التخطيط من جهة، وضعف الوعي، وكذلك العادات والتقاليد الاجتماعية وتأثيرها من جهة أخرى، هذا بالتالي ينعكس سلبا على الأسعار ويرفع من مستوى أسعار السلع والخدمات في السوق لأنه احد قوى العرض والطلب ولفت إلى أن ارتفاع الأسعار هو زيادة الطلب بشراهة وبشكل غير مدروس وغير منظم وغير منتظم الأمر الذي شجّع كثيراً من التجار في المملكة لزيادة الأسعار استغلالا لهذا الموسم أو مواسم المناسبات الأخرى. ورأى الاقتصادي حافظ ان فترة الأعياد يتضاعف فيها ما تصرفه الأسرة السعودية مضيفاً لنفترض ان متوسط الإنفاق للأسرة السعودية أربعة آلاف ريال للأسرة قد يتضاعف هذا المبلغ مرة ونصف المرة لهذا المبلغ، وبالتالي هذا سيكلف الاقتصاد بالنسبة للأسر السعودية مليارات الريالات بسبب الإفراط والإسراف رغم ان الدين الإسلامي يحث على عدم الإسراف والتبذير ولكن هذا يبدو انه موروث اجتماعي وعادات وتقاليد لم نستطع حتى الآن التخلص منها.. ووضع حافظ حلولا لهذه المشكلة التي يعانيها كثير من السعوديين من خلال تنظيم ميزانية للإنفاق تتعود عليها الأسرة ولا تحيد عنها مهما كانت الظروف مؤكدا على ان رفع الوعي والتخطيط المالي لدى الأسرة ولدى أفرادها وخصوصا منذ النشأة للطفل والطفلة والتعليم الإعدادي والعام يلعب دورا كبيرا في هذه التنشئة وبلا شك بعد ذلك التعليم العالي كذلك ورأيي ان يكون هناك تنظيم للميزانية يجب ان تتعود الأسرة على وضع ميزانية وتخطيط ميزانية لإنفاقها سواء الشهري او الأسبوعي او اليومي، تلتزم به تحت جميع الظروف سواء في المناسبات مثل عيد الفطر، عيد الأضحى، رمضان.. الخ ولا تحيد عن هذه الميزانية بأي حال من الأحوال.. لافتا إلى ان هذا بلا شك سينعكس إيجابا على مستوى إنفاق الأسرة من جهة وسينعكس إيجابا كذلك على قوى السوق بمعنى انه إذا كان هناك استهلاك متوازن من جميع الأسر السعودية، ويقابله اذاً عرض وطلب معقول ومتوازن ومدروس وبالتالي سوف يقابله أيضا عرض في نفس المستوى وهذا لا يشجع التجار ولن يعطيهم المجال لزيادة الأسعار واستغلال هذه العادات واستغلال المواسم أيضا.