تصطدم أمريكا مع العالم كله لأن واشنطون تتعمد أن تدخل نفسها في ما لا يعنيها من شؤون دولية تمس بشكل مباشر وغير مباشر سيادة الدول المختلفة التي بدورها ترفض هذه القوامة الأمريكية وتعمل بكل قوة على صدها عن طريق منع واشنطون من التدخل في ما لا يعنيها تبرر الولاياتالمتحدةالأمريكية هذا التدخل من جانبها بقيادتها لحرب الإرهاب التي أعلنتها بعد تدمير برجي التجارة الدولية في نيويورك عام 2001م وطالبنا كما يقول الرئيس جورج بوش منذ البداية إما أن تكون الدول معنا في محاربة الإرهاب واما ان تكون مع الإرهاب الذي نحاربه وتمارسه العديد من الدول المختلفة ولم يتخيل البيت الأبيض تقديم تعريف للإرهاب الذي يعلن الحرب عليه على الرغم من النداء الدولي الذي يدعو إلى تقديم هذا التعريف للإرهاب حتى كون الحرب ضده مقننة بأحكام القانون الدولي العام، وأصرت واشنطون على التعامل مع إرهاب مطلق غير معرّف حتى أصبح كل مسلك لا يرضيها ينعت بالإرهاب، والدول جميعها بدون استثناء تتفرج على هذه المهزلة الأمريكية فوق المسرح السياسي والعسكري الدولي. لم تستطع الدول المختلفة مجتمعة أو متفرقة التصدي لهذا الموقف الأمريكي الذي يتطاول على أحكام القانون الدولي التام الذي يجسده بكل وضوح اتفاقية فيينا لعام 1815م والتي عرفت بدقة الإرهاب بقولها الصريح "هو العدوان على الغير" صحيح أن عدواناً وقع على واشنطون بتدمير برجي التجارة الدولية في نيويورك مما يصنف هذا العمل العدواني بالإرهاب، ولكن من الصحيح أيضاً أن الإرهابيين هم الذين قاموا به وإلى اليوم لم يستطع أحد أن يدين جهة معينة بهذا الجرم وشملت الاتهامات العديد من الدول بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية لأن التقنية المستخدمة في تدمير برجي التجارة الدولية في نيويورك غير متوفرة الا في أيدي دول معدودة، وحاجز المكان يجعل من المستحيل الوصول إلى البرجين من خارج الأراضي الأمريكية، وهو ما تم بالفعل لأن الطائرات المعتدية أقلعت من بوسطن أحد مراكز اليهود في داخل الأراضي الأمريكية، ووجدت الصناديق السوداء بالطائرات المعتدية خالية من أية معلومات مما يثبت بأن هذه الطائرات خضعت للسيطرة من الأرض، وهذا ما أثبتته كل الأبحاث الأمريكية ونشرته مجلة الصياد بعد الحادث بثلاثة أو أربعة شهور.. ثم سمعنا صوت الكنيست البرلمان الإسرائيلي يقدم خالص الشكر للولايات المتحدةالأمريكية التي أفرجت عن خمسة اشخاص في نيويورك من الذين يحملون أكثر من جنسية ولكنهم جميعاً يحملون الجنسية الإسرائيلية وقالت في مسببات الافراج عنهم "انهم فوق الشبهات". المواقف الأمريكية المختلفة والمتضاربة تثبت بالدليل القاطع ان أمريكا ليس لها رؤية واضحة من الأحداث الدولية وانما يحكم مسلكها الدولي الهوى السياسي فالذي لا يعجبها تحكم عليه بالإرهاب والذي يتفق مع توجهاتها تعتبره عملاً سياسياً مميزاً، وهذا الهدى السياسي جعل واشنطون ضد العرب دائماً ومع إسرائيل دائماً. بكل هذه الأخطاء الأمريكية فوق المسرح الدولي وجه العالم إلى واشنطون ممارسة الإرهاب الدولي، وان كثيراً من الدول قررت "بأن الإرهاب في حقيقته صناعة أمريكية" ويستدلون على ذلك بسجن ابو غريب في العراق، وبسجن أوسع في جوانتينامو وحيث يمارس بهما من أعمال العدوان السافر على الإنسان، ويستدلون على ذلك بسجن ابو غريب في العراق، وبسجن اوسع في جوانتينامو حيث يمارس بهما من اعمال العدوان السافر على الإنسان، ويستدلون ايضا على هذا الإرهاب بما يحدث في العراق من عدوان امريكي ولما يحدث في افغانستان من عدوان امريكي ولم يقف هذا الإرهاب الأمريكي عند حدود الاستعمار العسكري المباشر وانما شمل العديد من الدول بتوجيه تهمة الإرهاب اليها مثل ايران وسوريا وغيرهما من الدول التي يتعارض خطها السياسي ومسلكها الدولي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية حتى أصبح كل من يعارض أمريكا يتهم من قبل البيت الأبيض بالإرهاب الدولي، بكل ما يترتب على ذلك من ترتيبات عدوانية عليه تصل الى محاصرته اقتصادياً والامتناع عن التعامل معه كما حدث مع ياسر عرفات في الماضي، وكما يحدث مع حماس في قطاع غزة في الحاضر. في ظل هذه الأجواء حدث الصدام بين روسيا وجورجيا وكعادة أمريكا أرادت أن تدخل نفسها في ما لا يعنيها في هذه العلاقة المتوترة التي وصلت الى حالة الحرب بين روسيا من جانب وجورجيا من جانب آخر، غير أن موقف واشنطون اصطدم هذه المرة بقوة عظمى تجسدها فوق المسرح الدولي موسكو مما يعني بأن التدخل الأمريكي في هذه المرة يؤدي الى صدام نووي واسع تكون نتائجه تدمير الأرض وما عليها من انجازات حضارية وأدى عائق توازن القوى بين أمريكا الراغبة في التدخل ضد روسيا لمحاربتها لجورجيا وبين روسيا التي أعلنت بأن على أمريكا أن تلتزم حدودها ولا تدخل نفسها في ما لا يعنيها من شؤون روسيا، وأعلنت موسكو بأنها قامت بنصب صواريخها النووية صوب الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب، وانشطر العالم الى معسكرين بسبب جهل واشنطون بالشؤون الدولية، وقام معسكر شرقي يضم روسيا والصين وغيرهما من الدول الحليفة لهما يقابله معسكر غربي يضم الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أوروبا الغربية وبدأت تظهر فوق المسرح الدولي بوادر الحرب الباردة بمعطيات جديدة، ومهما كانت نتائج هذه الحرب الباردة فإنها لن تصل الى المواجهة العسكرية لأن هذه المواجهة بالقدرة القتالية النووية ستقضي على الجانبين وعلى الحضارة الإنسانية فوق الأرض. لاشك أن الحرب الباردة بين موسكو وواشنطون بعد انشطار العالم الى معسكرين مرة أخرى شرقي وغربي سيخفف من غلواء الولاياتالمتحدةالأمريكية فوق المسرح الدولي بعد ان فقدت انفرادها بالقوة الوحيدة في العالم من بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991م، ولاشك أيضا بأن وجود قوتين عالميتين متناوئتين على زعامة العالم يحقق التوازن الدولي بصورة تمنع تطاول دولة كبرى على مختلف الدول الأخرى في ظل حسابات سياسية دولية جديدة.