احتفل العالم العربي يوم أمس الجمعة بيوم اليتيم العربي الذي تم تخصيصه لالقاء الضوء والاهتمام لهذه الشريحة من المجتمع التي وضعها القدر في موقف افتقاد الابوين او الاب، وتذخر معظم دول العالم بشكل عام والوطن العربي بشكل خاص باعداد نسبية من الايتام جراء الحروب مثل العراق وفلسطين ولبنان، او نتيجة لارتفاع معدلات الوفيات في دول تفتقر للمقومات الصحية السليمة. الإعلان الإسلامي لحقوق الأيتام لم يشر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لحقوق اليتامى في الحقوق العالمية للإنسان. فقد نص الميثاق العالمي على رعاية الطفل فقط، بينما تميز الإسلام بإعطاء عناية خاصة لليتامى وحفظ حقوقهم، وأمر بالإحسان إليهم بجميع أنواع الإحسان؛ بل ورتب على ذلك الأجر والثواب. وتتمثل عناية الإسلام باليتيم في التوصيات النبوية التي تولي عناية فائقة باليتيم والاهتمام به والحرص على الإحسان إليه، وإعالته حتى يستغني، والعمل على إدخال السرور على قلبه، مع مراعاة مشاعره وعواطفه. وقد رتب -صلى الله عليه وسلم- على الإحسان إلى اليتيم وعدا بالأجر العظيم؛ ذلك أن طبيعة الإنسان ربما تستنكف أن تشغل نفسها بيتيم، وربما تتركه اتكالا منها على أن يأخذه غيره من باقي المسلمين؛ فإذا علم الشخص أن في إعالته لهذا اليتيم أجرًا وثوابًا ومقابلا مكافئا؛ يكون ذلك أدعى للحرص على المسارعة إلى هذا الخير. ومن هذه التوجيهات النبوية قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه"؛ فأي اهتمام بعد هذا الكرم النبوي الذي يجعل خيرية بيوت المسلمين مرتبطة بالإحسان إلى اليتيم. بل إن هذا الكرم النبوي يتعدى هذه الخيرية الدنيوية إلى ضمان الجنة يوم القيامة؛ حيث يقول – صلى الله عليه وسلم - : "من عال يتيما حتى يستغني عنه أوجب الله له بذلك الجنة"؛ فمن يرفض هذا الوعد الإلهي الذي أوجب الله فيه الجنة لكافل اليتيم؟!.بل إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يحدد مكان كافل اليتيم في الجنة فيقول: "إن في الجنة دارا يقال لها دار الفرح، لا يدخلها إلا من فرح يتامى المؤمنين". فالجزاء من جنس العمل؛ ودار الفرح في الجنة لمن فرح اليتيم في دار الدنيا، والملاحظ في هذا الحديث أنه رتب هذا الأجر على مجرد تفريح اليتيم، الذي ربما يكون بهدية أو أعطية أو رحلة أو حتى كلمة طيبة أو نظرة حانية. ويساوي الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - في موضع آخر بين كفالة اليتامى والأمور العظام في الإسلام؛ مثل القيام والصيام والجهاد في سبيل الله؛ حيث يقول -صلى الله عليه وسلم-: "ومن عال ثلاثة أيتام كان كمن قام ليله، وصام نهاره، وغدا وراح شاهرا سيفه في سبيل الله". وتتجلى العناية بكفالة اليتيم أيضا في الأمم السابقة قبل الرسالة المحمدية؛ فقد سأل موسى نبي الله ربه: "ما جزاء من كفل يتيما؟"، فأوحى إليه الله عز وجل: "أظله في ظل عرشي يوم القيامة". وتتضح هذه العناية في أبهى صورها في هذا التنافس الشريف الذي أنزل الله فيه قرآنا يتلى إلى يوم القيامة، في التنافس على كفالة مريم ابنة عمران؛ هذا التنافس الذي يدل على عظم وفضل ما يتنافسون عليه؛ حيث يقول تعالى: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}. مظاهر كفالة اليتيم الطفل اليتيم غالبا ما يعاني من حساسية مفرطة في تفسير تصرفات الآخرين تجاهه؛ نظرا لاضطرابات الطبع التي تتولد لديه جراء ما يعانيه، وهذه التصرفات تتجه للعالم الخارجي الذي كثيرًا ما يكون سلبيًّا في تعامله مع نفسية اليتيم؛ فيكون الزجر والعنف والقسوة؛ لذا كانت عناية الإسلام بنفسية اليتيم، والتلطف في معاملته كبيرة؛ فقد قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ}. وكافل اليتيم يجب أن يدرك أن عمله يختلف عن الصدقة والزكاة؛ حيث إن كفالة اليتيم تحتاج منه لمتابعة ومراقبة ونصح واهتمام ولو عن بعد، وهذا يعود بنتائج إيجابية على نفسية اليتيم، ويساعده في أن يصبح إنسانًا سويًّا صالحًا، يكمل مشوار أبيه إن كان صالحًا. ومن المفاهيم الخطأ أن كفالة اليتيم تقتصر على الاهتمام المادي به فقط، ولكن الإسلام يرتقي بهذه المهمة من دركات الماديات والحسيات إلى درجات المعنويات والمعاملة السامية؛ فيأمر بإصلاحهم، ويحض على مخالطتهم وإشراكهم في المجتمع؛ ذلك أن العزلة لها آثارها الخطيرة على نفسية الطفل، خاصة إذا كان يعاني من هذه الحساسية التي يعاني منها من فقد أحب الناس إليه؛ حيث يقول تعالى في معرض حديثه عن منظومة القيم الأسرية والاجتماعية: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}، وليعلم كافل اليتيم أن إكرام اليتيم يكون بقدر مخالطته للمجتمع واندماجه فيه، وليعلم الكثير أن هناك أيتاما أغنياء، لكنهم يحتاجون لكفالة وإكرام معنوي، وهذه الكفالة والإكرام يحتاجهما اليتيم الغني كما يحتاجهما اليتيم الفقير، والإكرام المعنوي غالبا ما يكون أفضل من الإكرام المادي: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}. ومن مظاهر إكرام اليتيم أن يحرص على تأديبه ورعايته ومراقبته ومحاسبته، كما يفعل مع ولده؛ فقد روي عن الإمام علي رضي الله عنه أنه قال: "أدِّب اليتيم مما تؤدب به ولدك، واضربه مما تضرب به ولدك"، وهذا نبي الله زكريا يتابع السيدة مريم ويراقبها ويسألها عن الرزق الذي وجده عندها {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ}. ويجب متابعة أحوال اليتيم بما يطيق الكافل {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}؛ بحيث يكفي الشعور والإحساس بهذا اليتيم، ولو أن يمسح على رأسه، وهذا من محاسن الإسلام؛ حيث يستطيع الكافل الفقير والمجتمع كله أن يكفل اليتم. أيتام لكن عظماء كثيرا ما تأتي المنحة من رحم المحنة؛ فربما يكون فقد الوالدين أو أحدهما سببا دافعا للتميز والتفوق؛ فما أكثر الصور المشرقة لأيتام تميزوا وبرزوا وكانت لهم بصماتهم الواضحة على المجتمع من حولهم. ويأتي على رأس هؤلاء الأيتام العظام: * سيد الخلق وإمام الحق رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- الذي توفي أبوه قبل ولادته وماتت أمه وهو في طفولته، وتولى رعايته جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب؛ حتى شب وجاءه الوحي من السماء حاملا البشرى والنور والهداية للعالمين، وقد خاطبه ربه فقال: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}. * السيدة مريم العذراء، والتي كفلها نبي الله زكريا، والتي بشرتها الملائكة: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}، وقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون..." [رواه البخاري]. * الحافظ ابن حجر رحمه الله؛ فقد ربته أخته سِت الرّكب بنت علي بن محمد بن محمد بن حجر. قال عن نفسه: "وُلِدتْ في رجب سنة سبعين في طريق الحج، وكانت -أي أخته- قارئة كاتبة أعجوبة في الذكاء، وهي أمي بعد أمي". * إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، وأصله من البصرة، ولد عام 164ه في بغداد، وتوفي والده قبل مولده؛ فنشأ يتيما، وتولَّت رعايته أمه، وحرصت على تربيته كأحسن ما تكون التربية، وعلى تعليمه فروع الثقافة التي كانت سائدة؛ فحفظ القرآن الكريم، وانكبّ على طلب الحديث في نهم وحب، وبزَّ أقرانه في الفقه حتى صار أحد أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة المعتبرة. فلا شك أن رعاية اليتيم أجرها كبير، وثوابها عظيم، ولقد حفل القرآن الكريم والسنة المطهرة بالنصوص الداعية لذلك، والحاثة عليه، وحذرنا الله تعالى من أن تمتد أيدينا إلى أموال اليتامى بسوء، بل أوجب علينا أن نصلحها ونعمل فيها فقال تعالى (وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) (الأنعام: 152). وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) (النساء 10). وقال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة:220). ويقول تعالى: (وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا *وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ...) (النساء 2-3). ثم حث الله تعالى على النفقة عليه ورعايته بما يحتاج إليه من الرعاية فقال: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) (الإنسان: 8). (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ) (البلد: 14 – 15). ثم شرف الأيتام إلى أن تقوم الساعة بأن جعل صفوة خلقه وخيرة رسله محمد صلى الله عليه وسلم ينتسب إلى هذه الفئة فقال (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى) (الضحى: 6). وأوصاه وأوصانا باليتامى فقال (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (الضحى: 8). ثم نهر وحذر من القسوة على اليتيم أو إهانته أو التقصير معه فقال: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ) (سورة الماعون: 1- 2). وجعل الإنفاق عليه من الخصال الموصلة إلى البر فقال: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ .....) (البقرة: 177). ووردت أحاديث كثيرة في فضل كفالة اليتيم والإحسان إليه منها: عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما) رواه البخاري. وقال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: [قال ابن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(من ضم يتيماً بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة) رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد مختصراً بإسناد حسن كما قال الحافظ المنذري . وقال الألباني صحيح لغيره. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه ؟ قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك) رواه الطبراني وقال الألباني حسن لغيره . وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر) رواه البخاري ومسلم، وغير ذلك من الأحاديث. اليتيم في المملكة أولت حكومة المملكة الرشيدة اهتماماً خاصاً باليتيم، حيث تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بدور مهم في رعاية اليتيم وتنشئته النشأة الصحيحة عبر مراكزها المنتشرة في كافة ارجاء المملكة، فضلاً على الجمعيات الخيرية التي توفر أفضل مقومات الرعاية والتربية لهذه الفئة من المجتمع، كما يقوم رجال الخير من المجتمع والمسهمين من مواطني هذه الدولة الكريمة بمنح اليتيم اهتماماً خاصاً سواءً على الصعيد المجتمعي او عبر قنوات الدولة الرسمية، والحقيقة التي لاتخفى أن جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز - حفظه الله - في مجال رعاية الأيتام مستمرة على مدار العام والشواهد على ذلك كثيرة، لكن تخصيص يوم معين لليتيم فرصة لتشجيع جميع البرامج والمبادرات والجهود لتقديم مزيد من الرعاية للأيتام. كذلك تذكير جميع أبناء المجتمع بضرورة دعم برامج وجهود رعاية الأيتام وشحذهم الساعين إلى الخير الطامعين في الثواب والأجر في الدنيا والآخرة، تحقيقاً لما جاء في الحديث الشريف "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة". وتولي المملكة اهتماماً خاصاً بيوم اليتيم بهدف إبراز الجهود الجبارة التي تبذلها الدولة - رعاها الله - تجاه الأيتام في جميع مناطق المملكة منذ عهد المؤسس عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه وامتداد هذه الجهود وتنوعها عبر أنجاله البررة من الملوك وصولاً إلى هذا العهد الزاهر الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز حفظهما الله. وتشمل الأهداف أيضا التعريف بمؤسسات ودور رعاية الأيتام المنتشرة في جميع أنحاء البلاد وأهدافها وبرامجها وشروط الالتحاق بها وجهود الوزارة في مجال رعاية اليتيم وتأهيله. ويأتي ضمن احتفال المملكة بهذا اليوم توجيه الدعوة لجميع أفراد المجتمع للمشاركة والإسهام في تقديم الدعم لجهود رعاية الأيتام وكفالتهم وذلك من خلال بيان فضل كفالة اليتيم وعظيم ثوابه وأثره في تحقيق التلاحم والترابط بين جميع أبناء المجتمع، يضاف إلى ذلك السعي لإنجاح خطط وبرامج دمج اليتيم في المجتمع والتنسيق بين المؤسسات الحكومية والأهلية في مجال رعاية الأيتام. كما أن هناك العديد من البرامج التي تقدم لليتيم في يومه والتي تنطوي على جوانب تعريفية وترويحية وثقافية ورياضية ومسابقات، والتي نسعى من خلالها إلى إشعاره بقيمته وانه عضو فاعل في المجتمع، ويحظى برعايته بعدما شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يكون يتيماً، والتخفيف من أي مشاعر سلبية مؤلمة قد يعانيها بسبب إحساسه بأنه يتيم لا أب له، فعندما يجد اليتيم الوطن بجميع قنواته يحتفل به ويسعى لرعايته لن يشعر وقتها بآلام اليتيم، ويكفيه شرفاً أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان يتيماً. وتتبنى الدولة الرشيدة عدد المؤسسات والدور التابعة للوزارة والتي تعنى بالأيتام بلغ 14مؤسسة دار رعاية، منها مؤسسات للتربية النموذجية بكل من الرياضوجدة وتسعة دور لليتيم في الرياض ومكة وبريدة وشقراء والمدينة المنورة والجوف وأبها وحائل والدمام، وثلاثة دور للبنات في الرياضوجدة والأحساء، كما بلغ عدد المستفيدين من الفروع الإيوائية أكثر من 900 يتيم من الذكور وما يقرب من 400 من الإناث. اضافة الي اعداد كبيرة من الأسر الحاضنة والبديلة للأيتام بالإضافة إلى عدد كبير من الجمعيات الخيرية التي ترعى الأيتام في جميع المناطق مثل الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام "إنسان" وفروعها، ومؤسسة الأيتام الخيرية بالرياض ومؤسسة رعاية الأيتام بمكة المكرمة، وتقدر نسبة المساعدات لهذه الجمعيات بما يزيد على 50 في المئة من حجم احتياجاتها، وتتوزع هذه المساعدات على النفقات على الفروع الإيوائية - من سكن - وإعاشة وكساء ورعاية اجتماعية وصحية وتعليمية والإعانات لزوم سيارات الأيتام وتصل إلى 20 ألف ريال والإعانات لزوم الزواج وتصل إلى ستين ألف ريال وإعانات الدراسة والابتعاث والمكافآت الشهرية الخيرية. ومثال لذلك الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام (إنسان) كأنموذج رائد في مجال الأيتام، وذلك لما تحفل به من مقومات تحيلها في مقدمة الجمعيات المساهمة والفاعلة في مجال رعاية اليتيم وكفالته، ولا يستغرب ذلك إذ علم أن من يقوم على هذا الصرح الخيري المشرف رجل وهب نفسه وماله لليتيم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض والذي كان له الدور الأساس في إنشاء هذا الصرح ودعمه وذلك امتداداً لجهود سموه في هذا المجال منذ ما يزيد على خمسين عاماً وأصبحت الجمعية توسع مشاريعها وفروعها سواء بمدينة الرياض أو في المحافظات التابعة لها. وقد استطاعت الجمعية وخلال ما يزيد على عقدين من الزمن أن تثبت وجودها كجمعية خيرية رائدة إذ استطاعت أن تسبر غور اليتيم ومشاعره ومتطلباته وتطلعاته وان تصبح بمثابة أسرة بديلة حنونة رؤوفة كما وحقق بفضل الخطط والبرامج من إسناد الكفالة إلى العديد من الأسر التي قامت بدورها على الوجه المطلوب احتساباً في الأجر وتحقيقاً لما يتم مساعدتها من قبل الجمعية لكافة متطلبات اليتيم المعيشية والدراسية والإيوائية والصحية والاجتماعية، وحالياً فالجمعية تعتمد في عملها على نظم وآليات وتقنيات الحكومة الالكترونية في جميع تعاملاتها وشؤونها.