يحدث في بيئة العمل، وفي أجهزة وتنظيمات كبيرة أن يكون ولاء الموظف للإدارة التي يعمل بها أكثر من ولائه للجهاز ككل. عندما يحدث ذلك قد تنتشر ثقافة التكتلات وتغيب ثقافة التكامل والعمل الجماعي. هذه ظاهرة إن وجدت فهي غير صحية وهي من أكبر المعوقات ومن أصعب المشكلات.. ويمكن التعرف على وجود المشكلة من خلال بعض المؤشرات ومنها أن كل إدارة همها الأول هو الدفاع عن أدائها وإن حدث أي تقصير فإن السبب هو الإدارة الأخرى. ومن تلك المؤشرات أن الإدارة تركز على احتياجاتها البشرية والفنية بمعزل عن احتياجات التنظيم.. كما أن الإدارة تقوم بأعمالها دون التنسيق مع الإدارات الأخرى وإن حدثت مشكلة ألقت باللوم على تلك الإدارات التي يفترض أنها هي التي تبادر بالتنسيق! وكأن الذي يبدأ بالتنسيق ينتقص من مكانة الإدارة ومكانة موظفيها! وإذا غاب التنسيق حضرت المشكلات العملية والإنسانية وضاع الوقت في تبادل الاتهامات وعقد الاجتماعات التي تركز البحث على من يقع اللوم وليس عن سبب الخطأ وكيفية علاجه وضمان عدم تكراره.. وقد يتطور الوضع إلى الأسوأ فتصبح مهمة الإدارة هي البحث عن أخطاء الإدارة الأخرى.. هذا التنافس غير البناء قد يكتشفه المراجع للجهاز قبل أن تكتشفه الإدارة. الوضع أمام الإدارة وضع مثالي لكن خلف الكواليس هناك أمور أخرى يصعب التعرف عليها من خلال الاجتماعات على سبيل المثال كوسيلة وحيدة للتشخيص. الموضوع قد يتطلب إعادة التنظيم والتنظيم ليس إلا وسيلة لتحقيق الأهداف ويجب أن يتسم بالمرونة ويعاد النظر فيه حسب المتغيرات وما يستجد من ظروف في بيئة العمل. إن الأهداف هي التي نستطيع أن نقيس بها فاعلية التنظيم فإذا لم تتحقق الأهداف المحددة، فلابد من التشخيص فإذا وجدنا أننا أمام أعراض ذات دلالة مثل كثرة الاستقالات، والمركزية الشديدة، وكثرة الشكاوى والتحقيقات فلابد أن نفكر جدياً في موضوع إعادة التنظيم. ومن الحلول الأخرى لهذه المشكلة تنفيذ النشاطات غير الرسمية التي تنمي العلاقات الإنسانية بين زملاء العمل، وتكسر الحواجز النفسية بين الرؤساء والمرؤوسين. ومن الحلول أيضاً إيجاد نظام لدوران العمل والانتقال من إدارة إلى أخرى ويشمل ذلك الموظف العادي، ومدير الإدارة ورئيس القسم، ومن إيجابيات هذا النظام تحقيق النظرة الشمولية والتكاملية، وإلمام الموظف بكافة مهام الأقسام والإدارات المختلفة والتعرف بشكل مباشر على طبيعة عملها، وقد يكتشف أن انطباعاته السابقة عن هذه الإدارة كانت خاطئة. الحلول كثيرة، والمهم هو أن لا نترك حلها للزمن وأن نبادر بالمصارحة التي تخدم مصلحة العمل وليس مصالح الأفراد أو الأقسام. التنافس البنّاء هو المطلوب.