يدور غزل بارد بين الإدارة الأمريكية الذاهبة وإيران الضعيفة من الداخل والتي تبدي صلابة خارجية واضحة حول برنامجها النووي. فالإدارة الأمريكية اليوم لا تستطيع أن تتعامل مع الشأن الإيراني لأسباب عديدة؛ أهمها اهتزاز الوضع الأمريكي في العراق، ليس على مستوى الجانب الأمني فقط بل على مستوى الحكومة العراقية ونوري المالكي رئيس الوزراء العراقي ذاته الذي يعتبر الأقرب للنظرة الإيرانية حيث يعمل على لعبة شراء الوقت والاستقلال النسبي عن الحاجة الأمريكية، وكذلك قدرة إيران على إضعاف الموقف الأمريكي في العراق وأفغانستان تلك الدولة المهمة في الاستراتيجية الأمريكية تجاه الصين والهند وروسيا؛ حيث تستطيع ان تكشف أفغانستان عن مناطق شاسعة ومهمة في هذه الدول امام القوة العسكرية والاستخبارات الأمريكية. العامل الآخر هو اختلاف وانقسام الموقف الأمريكي عن الأوروبي في الشأن الإيراني وهو ما يهز التوحد السياسي الغربي تجاه إيران. أما على المستوى الإيراني فان موافقتها على فتح مكتب لرعاية المصالح الأمريكية يعني أن إيران كذلك تريد تحييد الموقف الأمريكي ولو بشكل مؤقت في مرحلة الانتخابات الأمريكية القادمة والتي في ذات الوقت تحاول إيقاف الاندفاع الإسرائيلي لضرب المواقع النووية الإسرائيلية، وبالتالي عزل الموقف الإسرائيلي عن الموقف الأمريكي في هذا المجال. إن من الواضح أن لعبة الشد والجذب التي تعيشها العلاقات الأمريكية - الإيرانية هي حالة مؤقتة باستخدام سياسة طول النفس والحصار من اجل إضعاف الطرف الإيراني، وفي ذات الوقت تحاول إيران تحييد الموقف الأمريكي وعزل الموقف الإسرائيلي في هذا الجانب.