في عالم المخدرات شباب مراهقون.. وكبار تاهت بهم السبل.. أرواح قلقة وبيوت مهدمة لا تعرف الاطمئنان.. كم من فتى أضاع مستقبله.. وكم من فتاة تعيش في عالم المجهول! قصص وحكايات! ربما لا تراها ولكن ضحاياها وآثارها واضحة لمن يعيشون في دائرة الظلام والوهم.. دائرة المخدرات. * تواصل صفحة الأمانة العامة للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات حوارها مع المتعافين من الإدمان وهم يحكون مرارة أيام التعاطي وما مروا به من ألم وحسرة في عالم الضياع.ليحدثنا احد التائبين عن حياته قبل وبعد التعاطي وكان معه هذا الحوار: -الاسم: ع م س -العمر: 42عاماً. -الحالة الاجتماعية: متزوج. -الحالة الوظيفية: موظف في قطاع خاص. @ كيف بدأت مأساتك مع المخدرات؟ - بدأت عندما كنت في سن السادسة عشرة تعرفت إلى زملاء في الثانوية وكنت أخرج من المدرسة معهم لكي نذهب للبحر وكانوا هم كل عالمي الخارجي وعلاقتي بهم أكثر من ممتازة ومع تكرار غيابنا عن المدرسة ومعرفة آبائنا بذلك بدأنا نشعر أننا نرغب في تحقيق متعة أكثر من خلال تعاطينا للحشيش واذكر يومها حين عرض علي أحد الزملاء سيجارة الحشيش وقال إنها سوف تدخلك في عالم ثان وتشعر بالاستمتاع وتنسى كل همومك ومشاكلك الأسرية ومن هنا بدأت. @ ما هي أبرز صور المعاناة التي تعرضت لها؟ - تعرضي للسجن عدت مرات بقضايا تتعلق بالمخدرات أفقدني سمعتي من خلال الحي والمدرسة والأسرة وفقدان العمر الطويل الذي قضيته في عالم المخدرات من الإذلال الموجود في عالم المخدرات حين تحتاج للجرعات حيرتي طيلة هذه السنين والبحث الزائف عن المتعة وأكبر معاناة فقدت احترامي لنفسي في أبشع صورة. @ موقف حصل لك وتتمنى من الله أن لا يعود هذا الموقف ولا يحصل لغيرك؟ - عندما تمت مداهمتي أثناء التعاطي في إحدى الدول الأوروبية، وذهبنا إلى الشرطة الخاصة بهم وحولوني إلى عدة أقسام ومن ثم إلى السجن وثم المحاكمات بعدة جلسات ومن ثم إمضاء فترة العقوبة في مجتمع غريب تماماً عن مجتمعاتنا حيث يفترض أن أعود حاملاً شهادة بكالوريوس وإذ بي أعود ومعي صحيفة سوابق في ذلك البلد. @ هل حاولت البحث عن علاج؟ - حقيقة ولمرات عديدة كنت أقول لنفسي هل أستمر على هذا الطريق ألا يوجد حل لهذه المشكلة وكانت أيامها لاتوجد مستشفيات في داخل البلد ولكن بعد توفر هذه المستشفيات دخلت مراراً وتكراراً وليس برغبة العلاج ولكني برغبة البحث عن فترة استراحة.. وبعد عدة محاولات في الداخل والخارج مكثت في آخر مدة للعلاج قرابة ستة أشهر وبعدها من الله علي بالتعافي وأصبحت من ذلك الحين حتى يومنا هذا مواظباً على حضور الاجتماعات. @ رسالتك لمن يظن أن علاج أي مشكلة قد يواجهها تكون بواسطة المخدرات؟ - غير صحيح إطلاقاً لأن الحقيقة تقول إن علاج أي مشكلة هو بمواجهتها وحيث إن التعاطي من أقوى أنواع الهروب من الواقع فهو إذاً يزيد من تفاقم المشكلة وأيضاً أنه مشكلة بحد ذاتها. والذين يقولون إنه بنسيان المشكلة بالتعاطي حل أقول حقيقة.. إنه صحيح أنك تنسى المشكلة مؤقتاً ولساعات محدودة بل دقائق في تفكيرك ولكنها على أرض الواقع تنمو وتنمو أكثر لتصبح مساراً يوصلك إلى نهاية صعبة إن لم تمت. @ مواقف ندمت فيها؟ - من أصعب المواقف التي أندم عليها باستمرار ولا زالت إلى الآن عالقة في ذهني وأحاول نسيانها وأقدم التعويضات لإزالتها من تفكيري وهو موقفي مع والدتي التي كانت تنتظرني خلف باب منزلنا حتى ساعات متأخرة من الليل وبعض المرات إلى شروق الشمس لتطمئن علي، وإذا قابلتها تلفظت عليها بألفاظ وشتم لاتليق بمقامها. وحتى إنه بعض الأيام لا أعود إلا بعد مرور يومين وأكثر حسب الجرعات التي أتعاطاها. @ ماذا تقول للوالدين؟ - سامحوني على كل مابدر مني تجاهكم وأتمنى من العزيز القدير أن يعفو ويصفح عن تجاوزاتي في حقكم كما أتمنى من الله أن يساعدكم لما سببته لكم من أمراض وحالات نفسية وشقاء، وإن شاء الله أنا الأبن البار لكم اليوم بعد أن من الله علي بالتعافي وعودتي للحياة ومعرفة حقكم الذي تجاهلته أثناء التعاطي. @ ماذا تقول للمجتمع؟ - أريد السماح من جميع من أضريت بهم سواء أفراد أو مؤسسات أو أن أكون جاهرت بمنكراً قد يراه أحد ويتخذه طريقاً لتعزيز سلوك. @ ماذا جنيت من تجربة التعاطي؟ - كل الأشياء التي جنيتها من التعاطي سلبية ماعدا شيء واحد وهو تجربتي التي أقدمها لكي لا يقع أحد في ماوقعت به من الإدمان ودفعت ثمنه صحتي ومالي وبدني. @ ما هو شعورك بعد التعافي؟ - أشعر بأنني مولود ومحظوظ بهذه الفرصة الجميلة لكي أعي معنى الحياة واستمتع بها وأني ممنون إلى الله أن يجعلني سبباً في التأثير على الآخرين بالإيجاب ومشاركتي بهذه الخبرات السيئة التي حصلت لي ومررت بها حتى لايقع أحد غيري بها. @ كلمة أخيرة. - أقول باختصار ما تركز عليه.. تحصل عليه.