الحمد لله الذي له ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.. القائل في محكم تنزيله (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون) فلا راد لقضائك ولا مقدر لآجالك. فلك الحمد على ما قضيت ولك الشكر على ما أعطيت. قليلون هم الرجال الذين نتذكرهم ونكتب عنهم، وتبقى ذكراهم على كل لسان وصفاتهم محل تقدير واعتبار. وبالأمس القريب نعى الناعون عميد أسرتنا الشيخ عبدالله بن علي الدهامي رحمه الله وقد ووري الثرى جثمانه الطاهر بعد حياة طويلة عاشها داعياً إلى الله على بصيرة، وساعياً بين الناس بالخير فطويت صفحة من صفحات العلم والفضل والتقوى والورع، فالموت غاية كل حي. تداعت هذه الخواطر في نفسي وتضاعفت آلامي بعد أن تجمعت صور الألم والفقد كلما تذكرت صورتك فقد كنت عنوان محبة ورمز عطاء كبير بن الناس لكن عزائي لن يطول فكلنا على الدرب راحلون يا أبا علي. كيف لا أبكيك وقد عرفتك ناصحاً حريصاً على إتقان عملك متميزاً في تعاملك على أكمل وجه عرفتك بهذه الصفات عندما كنت أحد موظفي أمانة منطقة الرياض، فبذلت كل ما في وسعك خدمة لدينك ثم لوطنك ومليكك وكنت رمزاً للعطاء الذي لا ينضب، كما كنت ملء السمع والبصر لإخوانك ومحبيك وزملائك. فيا من أحببناه لورعه وتقواه وتواضعه وزهده ويا من بذلت مالك وجاهك ووقتك وفتحت بابك وصدرك وقلبك لكل من عرفت ومن لم تعرف أبكيك ويبكيك جلساؤك وأبناؤك وأقاربك ومحبوك بعد أن فقدنا الحب الصادق والنقاء الخالص الذي لا يشوبه غش ولا كدر. أبا علي إن نسينا فلن ننسى سيرتك العطرة. وتعاملك الفذ وروحك المثالية وأنا أتفكر تفسير عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) فسئل وهل تبكي السماء على أحد؟ قال: نعم إنه ليس أحداً من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه وفيه يصعد عمله فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء فقده فبكى عليه وإذا فقده مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها فبكت عليه.لكن العزاء كل العزاء موصول لأسرتك ومحبيك ونحتسبك عند الله في جنة الخلد أن يجزيك خير ما جزى به عباده الصالحين وأن يصبرنا على فراقك. فإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإن لفراقك يا أبا علي لمحزونون. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: (إنا لله وإنا إليه راجعون).