"اذا جئتني وقبضتك منكمشة، اعدك ان قبضتي ستكون اشد منك، واذا جئتني تقول: دعنا نجلس ونتحاور وإن اختلفت آراؤنا، لنفهم اسباب الخلاف عندئذ نكتشف اننا لا نختلف كثيرا، وإن كان لدينا الصبر والأناة والنية على الاتفاق فإننا سنتفق" ودرو ويلسون. اصبح الحوار مطلبا حضاريا وضرورة ملحة في هذا الوقت الذي كثر فيه الجدل العقيم والخلاف والاختلاف بين كثير من الناس وفي كثير من القضايا ووجهات النظر، فمن سنن الله سبحانه وتعالى في خلقه وقوع الاختلاف فيما بينهم في الشكل واللون والكلام والتوجهات.. ويسعى كل انسان الى اثبات وجهة نظره وقد يظهر له خطأه فيعود الى الحق او يتأكد من صواب رأيه فيستفيد هو ويفيد غيره. فالحوار المثمر هو الميناء الذي ترسو عليه سفننا، وقد اولى الإسلام عناية كبرى للحوار ففي القرآن الكريم اتخذ الحوار مجالات كثيرة فقد حاور الله ملائكته وأنبياءه وعباده فالحوار وسيلة قرآنية للتعامل، وتعليم البشرية، ولنا ايضا في رسولنا الكريم أسوة حسنة، في كل حياته وما تضمنته من الحوار مع الناس صغارا وكبارا مؤمنين وفجار أصدقاء وأعداء.. فهو محاور البشرية الأول. ان غياب الحوار في حياتنا يعني غياب الحب والتفاهم فنحن في حاجة ملحة للتصالح مع ذواتنا ومع الآخرين لذلك لابد لنا من التدريب على الحوار الناجح وترسيخه في النفس فالحوار قرين اللطف والأدب، فبالكلام الطيب والصوت الهادئ وحسن الاستماع والابتعاد عن مقاطعة الطرف الآخر وعدم السخرية منه وإنهاء الحوار بأدب حتى وإن لم يتفق المتحاوران على رأي واحد فإننا بذلك نكسب احترام الطرف الآخر وتقديره. وللأسف الشديد نرى في العديد من وسائل الإعلام والفضائيات وغيرها غياب روح الحوار فالصراخ والاستئثار بالحديث لطرف دون الآخر والتهكم والعصبية هو السائد في هذه اللقاءات الملغمة والتي يسمونها حوارات؟ فنحن بحق نعاني ازمة في الحوار، وهذا الخلل يرتبط، بأزمات كثيرة في الفهم والتلقي، ان الحوار ليس مقارعة ولا ميدان قتال،، وما نطمح اليه هو حوار بناء مثمر،، انني أتساءل كيف نريد من الآخرين ان يقتنعوا بوجهة نظرنا ونحن قد ملأنا قلوبهم بالضغينة والحقد والسخط والاحتقار! قال لنكولن قبل اكثر من مائة سنة "ان قطرة عسل تجذب ذبابا اكثر من جالون علقم" والأمر كذلك بالنسبة للآخرين فإن اردنا ان نجذب الآخرين الى وجهة نظرنا فلنقنعهم بأنهم اصدقاؤنا المخلصون اولا! إن اللطف والتودد والطيبة من اروع الأساليب التي نستطيع بها استمالة قلوب الآخرين الينا، وليس العنف والقسوة! (يا أعزائي). كان سقراط فيلسوف "أثينا" فتى لامعا مع انه قضى عمره عاري القدمين، لقد فعل شيئا لم يستطع حفنة من رجال التاريخ ان تفعله، لقد غير مجرى تفكير الإنسانية!!. فكيف كانت طريقته؟ هل كان يخبر الناس انهم مخطئون؟ كلا ليس سقراط من يفعل ذلك! لقد كان عاقلا جدا ليفعل ذلك، وطريقته التي تدعى الآن "طريقة سقراط" ترتكز على استدراج الشخص الآخر لقول "نعم" فكان يسأل أسئلة تجعل مناوءه يتفق معه في الرأي! فكان يكسب الموافقة اثر الموافقة حتى يحصل ملء ذارعه من أجوبة "نعم"، ويبقى يلقي الأسئلة حتى يجد مناوئه نفسه وقد عانق النتيجة التي كان يرفضها منذ دقائق قليلة؟. اذن في حواراتنا القادمة حين نريد ان نتظاهر بالذكاء ونخبر الطرف الآخر انه على خطأ فلنتذكر سقراط العاري القدمين ونسأل أسئلة لطيفة ودية تجعل الطرف الآخر يميل لرأيك ويقول انا معك في الحال. (ياالطيب). وإذا لم يقتنع بوجهة نظرك رغم صحتها (يا دار ما دخلك شر). وهناك قصة خرافية جميلة تدل على اثر اللطف والتودد في كسب قلوب الآخرين، تقول القصة: "اختلفت الشمس والريح ايهما الأقوى؟ فقالت الريح للشمس سأبرهن انني الأقوى، هل ترين ذلك الإنسان الذي يرتدي المعطف؟ اراهن ان باستطاعتي ان اجعله يخلع معطفه اسرع منك، وقفت الشمس وراء الغيمة وبدأت الريح تهب حتى كادت ان تكون عاصفة!! وكلما اشتدت الريح ازداد الإنسان تمسكا بمعطفه، وأخيرا هدأت الريح واستسلمت، ثم خرجت الشمس من وراء الغيمة وابتسمت برفق للإنسان وسرعان ما مسح جبينه وخلع معطفه، عندئذ قالت الشمس للريح: ان اللطف والصداقة والثناء والتودد هما دائما اقوى من العنف والقسوة والتسلط.." وأنا اجزم ان ذلك الإنسان لو استطاع ان يطبع على خد الشمس الودودة قبلة لفعل!. في النهاية نتمنى ان يسود الحوار البناء ثقافتنا وأن نزرع نباته في اذهان اطفالنا، وأن يكون هناك دورات للآباء والأمهات وجميع افراد المجتمع لترسيخ مبادئ الحوار في النفوس والعقول.. فقد سئمنا الجعجعة والنباح والصوت العالي؟. فاصله @ جامل الناس تحز رق القلوب رب قيد من جميل وصنيع عامل الناس بإحسان تحب فقديما جمل المرء الأدب @@@ إن يختلف ماء الغمام فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد او يختلف نسبا يؤلف بيننا دين اقمناه مقام الوالد