كان يفترض ان يكون مانيان، مزارع الارز البورمي في الثامنة والاربعين من العمر، في صدد تهيئة التربة لزراعة الارز الآن، لكن اولويته باتت تقتصر على اطعام عائلته والعثور على ماوى لها بعد خمسة عشر يوما على الاعصار نرجس. والكارثة التي ضربت جنوب بورما واوقعت اكثر من 133الف شخص بين قتيل ومفقود بحسب حصيلة رسمية موقتة، ادت إلى فيضانات في المنطقة الزراعية الاساسية في البلاد واتلفت مخزونات ضخمة من الارز والبذور. كما نفق الآلاف من الجواميس وغيرها من الحيوانات المدرة للحليب غرقا فيما لا تزال حقول شاسعة جدا مغمورة بالمياه. وتنهمر الامطار الموسمية بشكل متواصل في رانغون ودلتا ايراوادي الذي يعتبر "مستودع الارز" في بورما وهو اكثر المناطق تضررا من جراء الاعصار نرجس. واعرب المفوض الاوروبي لشؤون التنمية لوي ميشال الذي وصل لتوه إلى بورما للمساهمة في جهود المساعدة الفورية (لمليوني منكوب)، في مقابلة مع وكالة فرانس برس عن القلق من "خطر وقوع كارثة بمستوى مجاعة" على المدى الطويل. وقال مانيان "سيتدهور انتاجي من الارز كثيرا لهذا العام". ويبذل هذا المزارع جهودا حاليا وعائلته للبقاء على قيد الحياة في مقاطعة كيوكتان في جنوب شرق مدينة رانغون. وأضاف المزارع "لو استطعنا البدء بالحراثة في فترة سابقة لتمكنا من زيادة المحصول، لكن ينبغي ان اؤمن الطعام لعائلتي واعيد بناء منزلي". وقال "بات علي ايضا شراء البذور الجديدة لأن كل ما كان لدي غمرته المياه ولم يعد صالحا للزراعة"، موضحا انه سيحتاج على الفور إلى مبلغ يعادل 100دولار لشراء البذور والاسمدة، وهو مبلغ لا يقوى على جمعه. وقالت منظمة الاغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) ان الحكومة البورمية اعلنت عن الحاجة إلى 240مليون دولار لشراء البذور واصلاح البنى التحتية الزراعية التي دمرها الاعصار نرجس، فيما اتلف بالكامل ما لا يقل عن 22% من حقول الارز. كما يلزم 20مليون دولار اضافية لايواء واطعام الحيوانات في المزارع. وقال الناطق باسم المنظمة في بانكوك ديدريك دي فليشوفر "الوقت يضيق، انه سباق مع الوقت". وقال "في حال تعذر الحصول على بذور الارز من الآن وحتى 40إلى 50يوما، فإن زراعة الارز لن تتم في الوقت المناسب لذلك هذا العام" وبالتالي "سيصبح الامن الغذائي في بقية انحاء البلاد مهددا حتى اواخر العام 2009". وبحسب خبراء، فإن الاعصار نرجس هدد الاكتفاء الذاتي الغذائي في بورما بحيث باتت البلاد الفقيرة في جنوب شرق اسيا التي تخضع لحكم عسكري منذ العام 1962، بحاجة إلى استيراد الارز. وكانت بورما قبل الاعصار تتوقع تصدير الارز لسد النقص في سريلانكا وبنغلادش بسبب ازمة الحبوب في الاسواق العالمية. واضاف الناطق باسم الفاو "لا خيار امام بورما الا في اللجوء إلى دول الجوار كتايلاند من اجل استيراد الارز". (أ.ف.ب)