تركض حائل منذ عدة سنوات ركضًا أنيقًا، يليق بحضارتها وتاريخها وبيئتها، وتمكّنت بذلك من لفت الأنظار إليها من داخل المملكة وخارجها. وقد نجحت بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز، أمير المنطقة، في استثمار مكوّنات البيئة الطبيعية. فمهرجان "رالي حائل" العالمي يمثل خير استغلال لرمال النفود، حيث استقطب أنظار العالم وصار يمثل تظاهرة رياضية وثقافية تعمر أرجاء حائل والمملكة كل عام. جدير بالذكر أن اسم حائل حينما يرد فهو يمثل الخصائص المكانية والحضارية الخاصة بالمنطقة، ولكنه في الوقت نفسه ممثل لاسم بلادنا في المحافل العالمية. واستمرارًا لمشروع استثمار مكوّنات البيئة، فقد أعلن سمو أمير المنطقة عن مشروع عالمي يختص ب"تراث الصحراء" يبدأ العام القادم، بمشاركة دول عالمية كبرى. ومما يجدر ذكره أن حائل أقامت قبل فترة قصيرة مهرجان التراث والصحراء في صورته المصغرة، وكان بمثابة النسخة الأولية لتأسيس قاعدة استراتيجية يمكن البناء عليها إداريًا وتنظيميًا في العام القادم. وتضمن المهرجان فعاليات متنوعة مثل مسابقة مزايين الصقور وسباق السرعة والاستعراض لكلاب الصيد. ومن المؤكد أن المهرجان الدولي الذي سيقام السنة القادمة سيتضمن فعاليات أكثر وأنشطة أوسع. ولعله من الجميل أن يضاف إلى تلك الفعاليات، معارض تراثية تضم الرسوم واللوحات التشكيلية والتطبيقية والصور الفوتوغرافية والقطع الأثرية والمشغولات اليدوية والأدوات التراثية ذات العلاقة بالصحراء وبحياة السكان اليومية. ولابد من إعطاء جانب الترفيه حيزًا من المهرجان، بحيث تعرض الألعاب الشعبية الخاصة بكل منطقة مع بيان مكوناتها والهدف منها والأغاني أو الأهازيج أو الترانيم المصاحبة لها. ومما يدخل ضمن التراث أيضًا ما يمكن عرضه عن مراسيم الزواج وما يتصل بذلك من صور العلاقة الزوجية؛ وطقوس الارتحال وأدوات وأنماط وعناصر بناء المساكن من بيوت الشعر أو من الطين؛ وأساليب الرعي والاحتطاب؛ وطرق حفر آبار المياه، وسقي المحصول، والحصاد والجَدَاد (الصرام) في نهاية مواسم الزرع والأغاني المصاحبة لذلك الموسم مع إبراز الخصوصية التي تمنح لكل مناسبة؛ وغير ذلك من أنماط الحياة السائدة في فترة زمنية سابقة لاتزال تحمل معها القيم الثقافية التي يؤمن بها المجتمع. كما يمكن إضافة فعاليات ثقافية كالندوات والمحاضرات والأمسيات الشعرية، إضافة إلى ممارسة الفنون الشعبية التي اشتهرت بها حائل كالسامري؛ ويمكن إدخال فنون أخرى من مناطق خارج حائل مثل: العرضة والرقصات الشعبية الخاصة ببعض المناطق والدول. ولا يمكن إغفال فن الطرب الشعبي ضمن الفنون الأخرى في المهرجان، فيمكن عرض طرق الغناء المختلفة، كالربابة والعود وغيرهما. وقد لايكون العرض بحد ذاته كافيًا للجمهور، فيمكن توسيع الدائرة وتفعليها عن طريق إقامة مسابقات لكل فن تحت اسم المهرجان. وفي مثل هذه الحال، سنجد أمامنا فنونًا أكثر تنوعًا من مختلف بلدان العالم، وكل فن يحمل معه نكهة بيئته وتقاليد مجتمعه وقيم ناسه. وهذا يضفي على المهرجان لمسة جمالية في جمع هذه الفسيفساء المتنوعة من فنون الصحراء وتراثها من مختلف بقاع العالم. إن هذا المهرجان يكشف عن اهتمام حائل بالسياحة الصحراوية وقدرتها على استثمار إمكانات التنمية لبيئتها من أجل جذب الزوار والسائحين إلى هذه المنطقة الغنية بتراثها وحضارتها، وما يترتب على ذلك من نجاح اقتصادي وثقافي للمنطقة وللبلد بأكمله.