برزت في الآونة الأخيرة الحاجة الماسة إلى تقنين نظام الأحوال الشخصية وتنظيمه في قانون يتواكب مع معطيات العصر الحديث ويتوافق مع مستجداته ومعطياته، خاصة عند منح حق الحضانة لاحد الابوين دون الآخر بناءً على حق أو مصلحة أحد الأبوين دون دراسة الحالة ومدى صلاحية الحاضن للحضانة ومدى مقدرته النفسية والعقلية والمادية والقانونية على الحضانة، فمصلحة الأطفال هي الأهم، ويجب أن تكون هي المعيار في تحديد الحاضن، بغض النظر عن مصلحة الوالدين. من هذا المنطلق دعا المستشار القانوني أحمد إبراهيم المحيميد إلى إعادة النظر في اسباب سقوط الحضانة عن الحاضن بحيث يؤخذ في الاعتبار القدرة المادية والقانونية والرعاية الاجتماعية وتوفير الحماية حتى لا يكون هناك أي اعتداء نفسي أو جسدي على الطفل، مع ضرورة ان يكون الحاضن غير محكوم عليه بقضية تخل بالشرف والأمانة، وغير متعاط للكحول أو المخدرات سواء أكان أباً أم أماً، وأن يكون له دخل مادي ثابت وقادر على توفير الحياة الكريمة للاطفال، علماً بأن التنازل عن حق الحضانة يعد مؤقتاً وليس دائماً ولمن له مصلحة في اسقاط الحضانة عن صاحب الحق فان حقه هذا لا يسقط نهائياً، وعلى ذلك إذا تنازل أحد الأبوين عن حضانة الصغير لاحدهما فإن هذا التنازل لا يلزمهما إلى الأبد، وانما يكون لهما معاودة المطالبة بحضانة الصغير مرة اخرى. ويرى المحيميد ضرورة اضافة النقاط التي ذكرها إلى الشروط الواجب توافرها في الحاضن: "أباً أو أماً"، والمعمول بها حالياً وهي (الأمانة، البلوغ والعقل، القدرة على التربية، وأن يكون لدى الرجل من محارمه من تقوم برعاية الانثى لمنع الفساد والفتنة كون الرجل ليس له صبر على تربية الأطفال كالنساء). وعادة تسقط الحضانة عن الحاضن (في حال زواج الأم، أو عدم الأهلية المعتبرة شرعاً أو السفه، التنازل عن حق الحضانة، وتسقط الحضانة عن الأب عند عدم الأهلية المعتبرة شرعاً أو عدم الاستطاعة)، علماً بأن حق الأم في حضانة الولد ثابت إلى أن يبلغ من العمر سنتين، ما لم تتزوج، والبنت إلى ان تبلغ سبع سنين، ثم يضم الولد لابيه ان كان موجوداً، اما ان كان غير ذلك فيبقى في يد أمه ما دامت متوافرة فيها شروط الحضانة لحين بلوغه سن البلوغ، بالعلامات أو ببلوغ سن 15سنة، إلى ان يختار البقاء أو الانفراد لنفسه، أما البنت فبعد بلوغها سبع سنوات تجبر على أن تضم إلى أبيها حتى تتزوج خاصة إذا سقطت عنها حضانة أمها. ويشير المحيمد إلى أن كثيراً من الأسر المطلقة، والتي لم تستطع التفاهم في الأمور المتعلقة بحضانة وتربية أطفالهم، تعاني من اختلاف الأحكام الشرعية وعدم وجود نص نظامي أو قانوني يحمي الأطفال ويوفر لهم بيئة حاضنة كفيلة بتربيتهم في بيئة سليمة عدا ما هو موجود من تعليمات شرعية أسهمت في وجود إطار لعلاقة الحاضن بمحضونه دون الخوض في تفاصيل معقدة مختلف عليها وغير معتمدة حتى تاريخه، كما أن تلك الأسر تواجه صعوبات كبيرة في تربية أطفالهم وفي فهم العلاقات المعقدة الناجمة عن الطلاق، وعدم القدرة على التفاعل بعضهم مع بعض في توفير بيئة نظيفة لأطفالهم وتحقيق التربية السليمة، فتبرز الاعتداءات الجنسية والجسدية والنفسية على الأطفال مما يساهم في تشردهم وضياعهم وعدم قدرة المجتمع على احتوائهم، وهم غالباً ما يلجؤون إلى القضاء لحل الخلافات القائمة بينهم، وهؤلاء في الغالب يتسمون بالعدوانية وبالكراهية، ويكونون عبئاً ثقيلاً على مجتمعهم، ومن هنا تبرز ضرورة تقنين نظام الأحوال الشخصية بالإسلام، أو نظام يحمي الطفل والمرأة من الطلاق التعسفي ومن الاعتداءات عليها وحماية حقوقهما. وبهذا الصدد يطرح المحامي المحيميد عدة توصيات من وجهة نظره منها وجوب تفعيل العمل على إيجاد جمعيات اجتماعية لحل الخلافات الزوجية ورعاية المطلقات والاهتمام بشؤونهن وأطفالهن، وكذلك ضرورة وضع الضوابط اللازمة، عند وقوع طلاق الزوجين، ليتم الطلاق بالحسنى دون تضييع حقوق أي من الأطراف، وعلى وجه الخصوص الأم والأطفال، وفي حال حصول تعد على حقوق المرأة أو حقوق أطفالها لابد من تسهيل مهمة وصولها إلى القضاء وإلى الجهات التنفيذية، مع ضرورة سرعة البت في قضيتها، وذلك لوضع حد لما تعانيه المرأة المطلقة من الظلم والضرر نتيجة أخذ أولادها منها عنوة أو ترك الأولاد معها بدون نفقة أو رعاية من الأب.