الطفل طليعة المستقبل وصانع الغد بإذن الله، وقد سبقت الشريعة الإسلامية الأنظمة والاتفاقيات الدولية في بيان حقوق الطفل كاملة وصيانتها من الانتهاك وذلك من ضمان حقه في الحياة في بطن أمه، وحفظه بدنياً ونفسياً وتربيته وتنشئته إسلامياً وحمايته وحفظ ماله وتعليمه وتحقيق مبدأ العدالة معه، وحضانته ولاية شرعية عليه حتى يرشد، وهي حق من حقوقه التي أقرتها الشريعة رعاية له وبتركها يهلك ويضيع، لضعفه بدنياً وعدم استقلاله بنفسه، واحتياجه لمن يقوم بمصالحه وتدبير شئونه، ولضعف إدراكه لما ينفعه وما يضره، فهو لا يستطيع حيلة ولا يهتدي سبيلاً، ويلزم وليه أجرة حضانته ورضاعته وسكناه والإنفاق عليه. وإذا قدر وقوع طلاق أو فرقة بين الأبوين ولهما ولد فقد يحصل نزاع بينهما في حضانة أطفالهما أيهما أولى بذلك وأحق؟ إذا تبين عدم صلاح الحاضن للمحضون نزع منه الطفل ومنح غيره من أقربائه لئلا يضيعلذلك كله جاء الإسلام موضحاً من هو أولى بالحضانة ومدتها ودرجات مستحقيها من النساء والرجال وشرط بلوغ الحاضن وكمال عقله ورشده، وقدرته على تحمل حضانة الطفل ورعايته وأمانته وصلاح دينه وحسن خلقه، وإذا تبين عدم صلاح الحاضن للمحضون نزع منه الطفل ومنح غيره من أقربائه لئلا يضيع أو يفسد حاله ومآله، وقرر الفقهاء باتفاق حق زيارة ورؤية غير الحاضن للمحضون من الأبوين أو أقربائه، بما يحدده القاضي الشرعي عادة دون ضرر على الحاضن أو المحضون، لصلة الرحم وتوثيق روابط المحبة في الأسرة الواحدة بعد الفراق، وأم الطفل وقريباتها وأم والده وقريباتها من الإناث أليق بالحضانة لأنهن أشفق عليه وأحنى وأهدى في التربية، وأصبر على القيام بالمحضون وأشد ملازمة له في البيت تحفظه وترعاه لسن معينة فإذا بلغ واستقل بنفسه كان الحق في تربيته للرجل لأنه أقدر على حمايته وصيانته وتربيته من النساء وإذا سقطت الحضانة عن الحاضن لمسوغ شرعي أو أسقطها بنفسه ثم زال المانع وصلح حاله أو عاد من سفره لما في السفر به من خطورة، وطلب حضانة الصغير عادت إليه الحضانة لكونها حقاً له وللمحضون، وكثيراً ما ترفع قضايا من الأبوين لطلب حضانة الطفل ويقع النزاع بينهما من أحق بها فيكون القضاء حاسماً بينهما حفاظاً على مصلحة الطفل كما في هذه القضية المطروحة هنا قال ابن قدامة رحمه الله : (كفالة الطفل وحضانته واجبة لأنه يهلك بتركه فيجب حفظه من الهلاك). القاضي السابق والمستشار الشرعي [email protected]