أوصى امام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على طاعته واجتناب نواهيه داعياً الى عبادة الله وحده لا شريك له ومحذراً من الاستكبار وعصيان بني آدم. وقال في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام يوم أمس ان الباري سبحانه بحكمته وعدله وعلمه خلق هذا الكون علويه وسفليه ظاهره وباطنه وأودعه من الموجودات الملائكة والانس والجن والحيوان والنبات والجمادات وغيرها من الموجودات التي لا يعلمها إلا هو. كل ذلك لأمر واحد لا ثاني له ولأجل حقيقة كبرى وهي أن تكون العبودية لله وحده دون سواه ولأجل أن تعترف هذه الموجودات بربويته وتحقيق الوهيته وتقر بفقرها واحتياجها وخضوعها له جل شأنه.وأشار فضيلته بأن تحقيق العبودية لا يمكن أن يبلغ مكانه الصحيح إلا بتحقيق الطاعة والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم ليكون الدين لله والحكم لله والدعوة إلى الله وكل ذلك يقوم به من جعلهم الله مستخلفين في الأرض مستعمرين فيها. ومثل هذا لا يتم لبني الإنسان بين سائر المخلوقات إلا من خلال قول اللسان وعمل القلب والجوارح على حد سواء كما أنه لا يمكن إتمام العبودية على أكمل وجه إلا بتكميل مقام الذل والانقياد مع غاية المحبة لله سبحانه فأكمل الخلق عبودية لله هو أكملهم له ذللاً وانقياداً وطاعة. مشيراً أن جماع العبودية انها هي الدين فالدين عند الله الإسلام. ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. موضحاً فضيلته أن هذا هو سر خلق الله للخلق وغاية ايجاده لهم على هذه البسيطة. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام إن الإنسان ليكفر ويستكبر ويجهل ويجادل. وقد كان إلا جدر بهذا الإنسان وقد أكرمه الله ونعمه أن يكون عابداً لا غافلاً وطائعاً لا عاصياً ومقبلاً إلى ربه غير مدبر وشكوراً لا كفوراً.وأفاد فضيلته ان المتأمل في كثير من المخلوقات في هذا العالم المشهور ليرى انه لم تحظ من الرعاية والعناية والعمارة والاستخلاف كما أعطي الإنسان ولا كلفت كتكليف ابن آدم بل جعلها الله خادمة مسخرة له.وأضاف فضيلته بأن هذه المخلوقات عدا ابن آدم قد كملت في عبوديتها لله جل شأنه وخضوعها له وذلها لقهره وربوبيته وألوهيته إلا بعض المخلوقات العاصية كالشياطين وعصاة الجن وبعض الدواب كالوزغ الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم "اقتلوا الوزغ فإنه كان ينفخ النار على أبينا ابراهيم" مشيداً أن عصيان هؤلاء لا يبلغ عصيان بني آدم وما ذاك إلا انه وجد في بني آدم من يقول انا ربكم الأعلى ومنهم من يقول إن الله هو المسيح ابن مريم ومن يقول إن الله ثالث ثلاثة ومن يقول أنا أحيي وأميت ووجد من يقول اجعل لنا إله كما لهم إلهة ووجد منهم من يقول عن القرآن ان هذا إلا قول البشر ومنهم من يقول إن هذا إلا أساطير الأولين ومنهم من يقول يد الله مغلولة ومنهم من يقول إن الله فقير ونحن الأغنياء وهكذا تمتد حبال الجبروت والطغيان في بني الإنسان إلى أن يخرج ويقول إن الشريعة الإسلامية غير صالحة لكل زمان ومكان ومن يقول يفصل الدين عن الدولة فلا سياسة في الدين أو من يقول الدين لله والوطن للجميع أو دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر أو من يصف الدين بالرجعية والحدود والتعزيزات بالهمجية والغلظة أو من يصفه بالمقيد للمرأة والظالم لها والمحجر على هويتها و ان فكاكها وحريتها في خروجها من حدود ربها واعلان عصيانها الشريعة خالقاً وجعلها نهباً لكل سارق. وحذر إمام وخطيب المسجد الحرام من عصيان بني آدم وشدة استكباره ومكره السيئ مؤكدا أن الله جل شأنه ان حقيقة عصيان بني آدم من بين سائر المخلوقات واستنكافهم أن يكونوا عبيداً لله الذي خلقهم وفطرهم فقال سبحانه "ألم ترى أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثيراً من الناس وكثيراً حق عليه العذاب". فدل على أن أكثر بني آدم عصاة مستكبرون ضالون وأنها لا تعمي الأبصار وانما تعمي القلوب.