أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ سعود بن ابراهيم الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل والعمل على مرضاته وترك ما يسخطه . وقال فضيلته في خطبة الجمعة أمس (إن من الأمور التي لايماري بها العقلاء ولايتجاهلها من هم على هذه البسيطة أحياء ولهم أعين تطرف وعقول تدرك أن الطمأنينة والاستقرار النفسي مطلب البشر قاطبة وإن اختلفوا في تحديد معاييرها وسبل الوصول إليها ولربما ضاقت بعض النفوس في نظرتها لمثل هذا المعنى الرفيع فحصرته كامنا في المال وتحصيله ونفوس أخرى حصرته في الجاه والمنصب ونفوس غيرها حصرته في الأهل والولد وهذه المفاهيم وإن كانت لها حظوة في معترك الحياة الدنيا الإ أنها مسألة نسبية في الأفراد ووقتية في الزمن والواقع المشاهد أن الأمر خلاف ذلكم فكم من غني لم يفارق الشقاء جنبيه ولم يجد في المال معنى الغنى الحقيقي وكم من صاحب جاه ومنزلة رفيعة لم يذق طعم الأنس والاستقرار في ورد ولاصدر ولا لاح له طيفه يوما ما وكم من صاحب أهل وولد يتقلب على رمضاء الحزن والقلق والاضطراب النفسي وعدم الرضا بالحال بل اننا نجد في واقع الحال أشخاصا لم يحظوا بشيء من ذلك البتة لامال ولاجاه ولا أهل ولاولد غير أن صدره أوسع من الارض برمتها وأنسه أبلغ من شقاء أهلها وطمأنينته أبلج من قلقهم واضطرابهم لماذا وماهو السبب ، لأن تلكم الأصناف قد تباينت في تعاملها مع نعمة كبرى ينعم الله بها على عبده المؤمن نعمة إذا وقعت في قلب العبد المؤمن أرته الدنيا واسعة رحبة ولو كان في جوف حجرة ذرعها ستة أذرع ولو نزعت من قلب العبد لضاقت عليه الواسعة بما رحبت ولو كان يتقلب بجنبيه في حجر القصور والدور الفارهة. وأردف فضيلته يقول (إنها نعمة الرضا ذلكم السلاح الفتاك الذي يقضي بحده على الأغوار الهائلة التي ترعب النفس فتضرب أمانها واطمئنانها بسلاح ضعف اليقين والإيمان لأن من آمن عرف طريقه ومن عرف طريقه رضي به وسلكه أحسن مسلك ليبلغ ويصل لايبالي بما يعرض له لأن بصره وفكره متعلقان بما هو أسمى وأنقى من هذه الحظوظ الدنيوية ولاغرو أن يصل مثل هذا سريعا لأن المتلفت لايصل ولايرجى منه الوصول يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا)وقال صلى الله عليه وسلم “من قال رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له الجنة” إن للرضا حلاوة تفوق كل حلاوة وعذوبة دونها كل عذوبة وله من المذاق النفسي والروحي والقلبي ما يفوق مذاق اللسان مع الشهد المكرر 0 فهذان الحديثان عليهما مدار السعادة والطمأنينة وباستحضارهما ذكرا وعملا تتمكن النفس من خوض عباب الحياة دون كلفة أو نصب مهما خالط ذلكم من مشاق وعنت لأن الحديثين قد تضمنا الرضا بربوبية الله سبحانه وألوهيته والرضا برسوله صلى الله عليه وسلم والانقياد له والرضا بدينه والتسليم له . وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام (إن الأمة في هذا العصر الذي تموج فيه الفتن بعضها ببعض وتتلاقح فيه الشرور والنكبات لهي أحوج ما تكون الى إعلان الرضا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ، نعم إنها أحوج ماتكون إلى إعلان ذلكم بلسانها وقلبها وجوارحها ولاجرم أننا نسمع مثل هذا الإعلان على الألسن كثيرا بيد أن هذا ليس هو نهاية المطاف ولاغاية المقصد بل إننا أحوج ما نكون إليه في الواقع العملي ليلامس شؤوننا المتنوعة). وقال (إن النفوس مشرئبة والأهداف شاخصة إلى أن ترى في واقع الناس الرضا بألوهية البارىء جل شأنه المتضمنة الرضا بمحبته وحده وخوفه وحده ورجائه وحده وكل ما من شأنه أن يصرف له وحده) قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين إنه الرضا بربوبيته سبحانه المتضمن الرضا بتدبيره وتقديره وأن ما أصاب العبد لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه وإذا رضي العبد بربوبية الله وألوهيته فقد رضي عنه ربه وإذا رضي عنه ربه فقد أرضاه وكفاه وحفظه ورعاه وقد رتب البارىء سبحانه في محكم التنزيل في غير آية رضاه عن الخلق برضاهم عنه فقال في عدة آيات رضي الله عنهم ورضوا عنه . وأوضح فضيلته أن انتشار الرضا بدين الله في أرضه لهو سعادة المجتمعات المسلمة برمتها ومتى عظمت الأمة دينها ورضيت به حكما عدلا في جميع شؤونها أفلحت وهديت إلى صراط مستقيم وأن واقع مجتمع يشد الناس إلى التدين ويذكرهم بحق الله وتشم رائحة التدين في أروقته لهو المجتمع الرضي حقا المستشعر ضرورة هذا الدين له كضرورة الماء والهواء لأن كل أمة تهمل أمر دينها وتعطل كلمة الله في مجتمعها فإنما هي تهمل أعظم طاقاتها وتعطل أسباب فلاحها في الدنيا والاخرة . وأضاف يقول ( إن الاضطراب والتفرق والذل والخوف والفوضى كل ذلك مرهون سلباً وإيجاباً بالرضا بالدين وجودا وعدما إن الإسلام الدين الكامل الصالح لكل زمان ومكان إنه دين الرحمة والرأفة والقوة والصدق والأمانة والاستقامة والعبودية لله دين متين خالد لايقوض بنيانه ولاتهز أركانه دين لايشوبه نقص ولايفتقر إلى زيادة دين كامل بإكمال الله له (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).