سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدراسات العلمية هي ما نحتاجه لمعرفة حجم الاعتداءات على الأطفال والشذوذ الجنسي في المجتمع بحث يشير إلى أن نصف شباب الرياض شاذون جنسياً يخلق البلبلة والتشويش فما مصدره الرئيس؟
لا أحد يُنكر بأن الاعتداء على الأطفال، تم رفع الغطاء عنه، وبدأ الحديث عن هذه المشكلة المُعقّدة والتي كانت مُستترة في جميع وسائل الاعلام، وكذلك الحديث بصراحة لم تكن معهودة في السابق في المؤتمرات الطبية والاجتماعية. أصبحنا نُسمءي الأشياء بأسمائها، بعد أن كنّا نحوم حول المشلكة ونُلمح عنها دون الخوض في حقيقة المشكلة وتفاصيلها. الآن أصبح بعض ممن تم الاعتداء عليهم وهم صغار يتحدثون عن مشكلة الاعتداء التي وقعت عليهم. يتكلمون في المؤتمرات الطبية والاجتماعية بعد اخفاء هوياتهم الحقيقية. في أحد المؤتمرات الطبية تكلمت احدى الفتيات تبلغ من العمر خمسة وعشرين عاماً عن كيفية اغتصابها من قِبل والدها وحملت منه واجهضت ثلات مرات، وأن هذا الأب اعتدى على شقيقتيها وكانت لا تستطيع أن تجد ملجأ أو جهة تلجأ اليها حتى بدأ الانفتاح والاعتراف من الجهات الرسمية بهذه المشكلة وتدّخل السلطات الرسمية في اتخاذ اجراءات حاسمة أحياناً، وأحياناً تكون مُكبلة بقيود تحد من حرية اطلاق يديها لحل بعض المشاكل الأسرية في الاعتداءات الجنسية والبدنية على الأطفال. نعم لدينا مشكلة، كما هو الحال في جميع أنحاء العالم. ففي الولاياتالمتحدةالامريكية هناك طفل بين كل أربعة أطفال يُعاني من اعتداء بدني أو جنسي، وكذلك تقريباً نفس النسبة في بريطانيا. ما دفعني لكتابة هذا المقال هو برنامج شاهدته في احدى القنوات الفضائية العربية، وكانت احدى المتحدثات سعودية اسمها بارعة الزبيدي وتحدثت عن العنف والاعتداء على المرأة والأطفال في المملكة وكذلك عن المثلية الجنسية (الشذوذ الجنسي). ما قالته الأستاذه بارعة عن الأرقام في السعودية شيء مُخيف، لقد قالت بأن 46% من الشباب في المدارس الثانوية في الرياض هم شاذون جنسياً! وقالت بأن هذه الاحصاءات نُشرت في صحيفة الوطن، وحسب قول الكاتبة بأن ما نُشر هو نتائج لدراسات أجريت. واذا كان هذا الأمر صحيحاً فاننا نرغب أن نعرف هذه الدراسة أو الدراسات وكيف أجريت؟ ومن أجراها؟ وعن منهجية الدراسات التي أجريت في هذا الموضوع الشائك؟. انه كلام في غاية الخطورة، اذ يعني أن نصف شباب الرياض شاذون جنسياً..!! وهذه مقولة خطرة وتحتاج الى اثبات ومن أين استقت المتحدثة هذه النسبة الخطيرة عن شذوذ الشباب في الرياض، وكما قلت، نُريد أن نعرف هذه الدراسات ؛ من قام بها ؟ وكيفية اختيار العينات؟ وماهي الأدوات والمقاييس التي اسُتخدمت في الدراسة، وماهو تعريف الشذوذ الذي ذكرته الأستاذة بارعة الزبيدي والذي وصمت به نصف شباب الرياض بأنهم شاذون جنسياً؟. وحسب ما قالته بأنها استقت معلوماتها من دراسات نُشرت في جريدة الوطن السعودية، ويبقى الأمر الأخطر، هل يُمكن اعتبار الصحف والمجلات غير العلمية مصدراً موثوقاً يُستند عليه في اطلاق التصريحات في برامج تليفزيونية لها انتشار واسع بين المشاهدين، كما حدث مع الأستاذة بارعة الزبيدي، والتي استندت الى مقال نُشر في صحيفة يومية، بأن هذه النتائج والأرقام الخطيرة هي نتائج درسات بحثية. أعتقد بأن الكثيرين يجهلون مثل هذه الدراسات. وأعتقد أني لم أسمع بمثل هذه النسبة العالية بأن تقريباً نصف شباب الرياض شاذون جنسياً ! وكذلك لم تصل لمسامعنا من أي شخص له علاقة بمثل هذه الأمور بأن هناك دراسة أو دراسات أجرُيت في الرياض، سواء كان في المدارس الثانوية أو غيرها بأن نصف هؤلاء الشباب شاذون جنسياً؟. لا أقول انه يجب أن يكون لديّ خبر عن كل دراسةٍ تُجرى في الرياض، ولكن دراسة مثل هذه لا أظن أن جميع المختصين في مجال الصحة النفسية في الرياض ليس لديهم علم بمثل أبحاث من هذا القبيل.. فبحث مثل هذا أو دراسات من هذا النوع لن تكون مُختفية عن الجميع خاصةً وأن دراسة بمثل هذه النتائج سوف تُثير بلبلةً كبيرة بين المتخصصين في الصحة النفسية وكذلك علم الجريمة أو علم الاجتماع. ان دراسات من هذا النوع بالتأكيد لن تكون مُختفية عن أعين المختصين، خاصةً اذا كانت دراسةٍ جادة وحسب منهج علمي يتبّع الطرق العلمية المنهجية في طرق عمل الأبحاث، واختيار العينات، وكذلك المقاييس والأدوات التي استُخدمت لتقييم الأشخاص الذين تم تشخيص وضعهم بأنهم شاذون جنسيا. ان خطورة أن تكون دراسة غير مُقننة أو دراسة لم تتبع المنهجية العلمية الحقيقية في أبحاث المسح للظواهر الاجتماعية أو الاضطرابات النفسية، قام بها أشخاص ليس لديهم المؤهلات العلمية ولا الخبرة البحثية في اجراء مثل هذا النوع الصعب من الأبحاث، وربما قام به على عينة صغيرة وعممه على مدينةٍ كالرياض يسكنها ما يُقارب الأربعة ملايين نسمة أو ربما أكثر، واصماً نصف الشباب الذين يعيشون في أكبر مدينة سعودية بأنهم شاذون جنسياً!. ان القاء الاحصاءات ونسبتها الى دراسات يجعل الأمر خطيرا جدا، خاصةً اذا تعّلق الأمر بمثل هذه الأمور. فحتى لو كانت هناك دراسات بينّت بأن 46% من شباب الرياض شاذون جنسياً، فيجب على الأستاذة بارعة الزبيدي أن تتأنى وتتريث في القاء مثل هذه النسبة في التلفزيون، وكان حرّيا بها أن تتأكد من هذه الدراسات التي أفرزت هذه النتائج. جميع العاملين في مجال الأبحاث يعلم بأن أصعب الدراسات والأبحاث هي الدراسات البحثية المسحية التي تقوم باجراء أبحاث لمعرفة مدى انتشار ظاهرة ما أو مرضٍ ما في المجتمع. ان هذه الأبحاث المسحية سواء كانت طبية نفسية أو اجتماعية تحتاج الى شخص مُتخصص في علم الوبائيات، وأشخاص متخصصون في الاحصاء الدقيق لمثل هذا النوع من الأبحاث. وأظن أن دراسة مثل هذه لو أجرُيت في الرياض لعرف عنها الجميع، نظراً لحساسية وخطورة الموضوع من ناحية اجتماعية ودينية ونفسية وسياسية أيضاً! تعريف المصطلح ونظراً لصعوبة العمل في مثل هذه الأبحاث، والمتطلبات الكبيرة من الخبرة والحاجة الى مصادر وآليات واستبيانات مُقننة تختص بموضوع البحث، وهو هنا الشذوذ الجنسي. فأول الأمور يجب تعريف المصطلح علمياً، فماهو التعريف الذي تبنته الدراسات أو الدراسة التي أجُريت في الرياض لقياس مدى انتشار الشذوذ الجنسي بين الشباب في الرياض؟ فالتعريف قد يختلف من تقسيم نفسي أو أنثروبولوجي أو اجتماعي، ونتيجة لهذا الاختلاف تأتي النتائج غير دقيقة ولا تُمثل الواقع اطلاقاً. ثم ماهي طريقة عمل البحث؟ كيف تم؟ ومن أين تم أخذ العينات، وماهو حجم العينة التي تمكّن الباحثون أن يستخلصوا أن 46% من شباب الرياض لديهم شذوذ جنسي؟ ماهي الاستبيانات التي تم تقييم العينة عليها؟ ان الدراسات المسحية مُعقّدة وتحتاج الى الكثير من الجهد والمال والخبرة، واذا كانت هناك دراسة صغيرة أجُريت على عينة بسيطة من الشباب وكانت النتائج أن 46% من هؤلاء الشباب يُعانون من مشكلة الشذوذ الجنسي فهذا لا يعني أن نُعمم هذه النتيجة على شباب الرياض في أي مرحلةٍ عمرية. نحن لا نُنكر بأن هناك رجالا ونساء شاذين جنسياً، ولكن لا أعتقد بأن النسبة تصل الى هذا المستوى المرتفع بكل المقاييس. ويجب عدم الاعتماد على الصحُف غير العلمية في نقل الأخبار الحسّاسة والتي تؤثر سلباً وتضر أكثر مما تُفيد وتخلق البلبلة والتشويش لدى أفراد المجتمع. عندما كانوا أطفالاً قالت الأستاذة بارعة الزبيدي أيضاً بأن حوالي 25% من الأطفال السعوديين تم الاعتداء جنسياً عليهم خلال مرحلةٍ ما من حياتهم، وأن أكثر من 98% من المعتدين كانوا من الأقارب أو ألأشخاص الذين يعرفهم الطفل. ومرةً اخرى ربما يكون هذا صحيحا، ويمر علينا عدد من الأشخاص الذين تم الاعتداء عليهم جنسياً عندما كانوا أطفالاً، وأحياناً تبقى هذه الجروح ولا تندمل حتى بعد عقود من الزمن. وقد تلقيت رسالة من رجل يُريد الانتقام من رجل اعتدى عليه قبل أكثر من أربعين عاماً!. المشكلة هي أيضاً نسبة هذه الاحصاءات الى دراسات مما يعني أنها صحيحة، والمرجع أيضاً كانت جريدة الوطن وأبحاث نُشرت فيها. وأعود مرةً اخرى وأقول بأن معلومات وأحصائيات تُقال لعامة الناس وعبر أكثر وسائل الاتصال خطورةً هو التليفزيون الا اذا كانت منقولة من مجلات علمية لها سمعتها في مجال تخصصها وليس اطلاق العنان للتنظير ودعمه بأرقام خطيرة منسوبة لصحف غير علمية وأبحاث لا يُعرف مصدرها وكيفية طرق عملها ومن هي الجهة التي أشرفت على هذه الأبحاث حتى تتحدث الأستاذة بارعة الزبيدي بكل ثقة عن هذه الاحصاءات. الأمر الذي أثار دهشتي وهو أن الدكتورة الاماراتية والتي كانت ضيفة مع الأستاذة بارعة الزبيدي تهرّبت عن ذكر أي احصائية عن الشذوذ في الامارات أو الاعتداء على الأطفال، كل ما قالت كلام دبلوماسي عن ملاحظاتها (كما قالت) بازدياد نسبة الاعتداء على الأطفال في الامارات وكذلك زيادة عدد الأشخاص الذين لديهم مشكلة الشذوذ الجنسي وتهّربت من ذكر أي نسبة مئوية أو أي احصاءات عن هذه المواضيع، حتى عندما سألتها المُذيعة صراحة عن الاحصائيات أجابت بأنها لا تملك احصائيات عن هذه الأمور..! ويبدو أن هذه الدكتورة الاماراتية تعي جيداً خطورة اطلاق العنان والتحدّث عن نسب مثل أن 46% من شباب الرياض يُعانون من شذوذ جنسي. كان الأجدى بالأستاذة بارعة الزبيدي أن تتحدث بدملوماسية وأن لا تضع نفسها في مواقف موضع شك بمثل هذه الاحصائيات.!.