لازالت قضية سعودة الوظائف بالقطاع الخاص تشكل هاجساً لدى كل من القطاعين العام والخاص لعدة اعتبارات، منها: الأمن، الوضع الاجتماعي، والوضع الاقتصادي، وجميعها تقع ضمن أولويات حكومة خادم الحرمين الشريفين والغيورين من أبناء هذا البلد. إلا أن النتائج لازالت دون المأمول ويتبادل طرفا المعادلة الاتهامات حول قدرة كل طرف على تحقيق النتائج المرجوة، فالقطاع العام يعتبر أن القطاع الخاص مسئولا مسؤولية مباشرة عن ذلك، لعدم قدرته حتى الآن على استيعاب النسب المقررة. والقطاع الخاص يرى أن المعروض من السعوديين للمهن المتاحة غير راغب وغير قادر على أدائها، إضافة إلى أن القطاع العام لازال هو الملاذ الآمن بالنسبة للوظائف الخاصة بالسعوديين لما يتمتع به من مزايا تتعلق بساعات الدوام والأجر الشهري. ولكي نخرج من دائرة الاتهامات وننظر إلى آفاق للتعاون والتكامل بين القطاعين لمعالجة هذه المشكلة، فأعرض من خلال هذه المذكرة مقترحات لعلها تساعد للوصول إلى الأهداف المرجوة هي: يجب أن يتم التعامل مع المشكلة على محورين أساسيين، الأول "آني" وأقصد معالجة سريعة للوضع القائم، والآخر "إستراتيجي" يكون التعامل به وفق خطط إستراتيجية تأخذ مدى زمني من 5- 10سنوات. مقترحات للحل "الآني": 1- يجب أن يتم التعامل مع أرقام العمالة على أساس العمالة الفعلية التي تعمل بالقطاع الخاص، وليس العمالة الخاصة أو المنزلية، حيث تظهر دائماً الإحصاءات الأرقام الكبيرة للعمالة الوافدة وهي معظمها عمالة منزلية (خادمات - سائقين)، ويكون القطاع الخاص ملزماً في التعامل مع تلك الأرقام. ولو نظرنا بواقعية لذلك لوجدنا أن هناك إجحافاً للقطاع الخاص لحمله على تحمل هذه التبعية، فيجب العمل على فصل الإحصاءات الخاصة بالعمالة المنزلية الوافدة عن العمالة الوافدة للعمل بالقطاع الخاص، ووضع البرامج والنسب وفقاً لذلك. وسيرفع هذا الإجراء الضغوط التي تواجهها وزارة العمل من الجهات التنفيذية الأخرى المعنية بتوطين الوظائف، لما تظهره أرقام الاستقدام الكبيرة للعمالة المنزلية في الإحصاءات السنوية بالوزارة، وتتيح من جهة أخرى للمواطنين الراغبين بعمالة منزلية متعددة بالاستقدام وفقاً لحاجتهم لقدراتهم المالية. 2- العمل على تحديد دقيق للمهن التي يمكن سعودتها في محور المعالجة "الآني" من حيث إقبال السعوديين عليها ومن حيث الأجر، دون الدخول في مهنة يصعب حتى أن نجد عمالة وافدة تعمل بها، ناهيك عن إقبال السعوديين عليها. ويتضمن التحديد مسمى ووصف الوظيفة والأجر المتوقع لها. 3- تتبنى وزارة العمل برنامجاً شاملاً للتدريب التطبيقي .. أقصد في ذلك التدريب المباشر على المهنة المحددة وذلك من خلال شراكة مباشرة بينها وبين القطاع الخاص المعني بالمهنة يُستقطب له شركات متخصصة تقوم بالتدريب ولو تطلب ذلك متخصصين من مراكز دولية لضمان جودة المخرج وقدرته على العمل مباشرة وعلى أن يشارك في ذلك صندوق الموارد البشرية والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، وتستمر البرامج من 6- 12شهراً. 4- العمل على سرعة إنجاز المشروع الأمني وتفعيل نظام البصمة للإبهام والعين الذي تم إدراجه ضمن مشاريع وزارة الداخلية لضمان حركة العمالة الوافدة من دخول وخروج وعودة وخروج نهائي إضافة إلى رصد للعمالة المتخلفة والهاربة. الحلول الإستراتيجية: ننظر لها في أن المشكلة لها أكثر من طرف، وأقصد هنا عدم حصرها بصاحب العمل وطالب العمل، بل هناك أطراف أخرى تؤثر وتتأثر في عملية توطين الوظائف ومنها الأسرة ونظام التعليم والوعي الاجتماعي وصاحب العمل وطالب العمل والبرامج والخطط الموضوعة من الجهات المعنية، فيجب أن تتفاعل تلك الأطراف وتمتزج حتى يتحقق لها النجاح. فمثلاً: الأسرة: تعتبر المحرك الأول لتنشئة الجيل وهي الخط الأول التي يعبر منها الفرد إلى المجتمع، فيجب توعية الأسرة بقيمة العمل وتوجيه أبنائهم على حب العمل أياً كان نوعه وطبيعته. المسجد: يعتبر أحد الخطوط المهمة التي يجب التركيز عليها لتوجيه الشباب نحو قيمة العمل وأنه خير من البقاء على معونات الأسرة مهما كان نوعها، وهذا الأمر موجود في ديننا الحنيف، فكل الأثر عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يحث على العمل وقيمة العمل والأحاديث على ذلك كثيرة. المدرسة: ما ينطبق على المسجد ينطبق على المدرسة كأحد الخطوط الهامة في مرحلة التنشئة للبناء، حيث يجب التركيز على أهمية العمل وإدراج مواد تعليمية خاصة بالمهن والحرف حيث يفتقد أبناؤنا الكثير من المهارات الحرفية البسيطة التي تمكنه من التعرف على الحرفة للاعتماد على نفسه في إنجاز بعض الأمور الخاصة به من خلال تعرفه وانتقائه لها. التدريب العملي: من المهم ان تتبنى بعض الشركات الكبرى مثل شركة ارامكو تدريب الشباب وادخالهم اجواء العمل الجاد والصحيح، ويمكن اعتماد برامج تدريب في مثل هذه الشركات يتم من خلالها تأهيل الشباب للعمل بشكل علمي وعملي مدروس . التشريعات المساعدة: يجب أن يتم سن تشريعات تساعد على إقبال الشباب للعمل بالقطاع الخاص مثل تحديد ساعات العمل، ووضع حد أدنى للأجور، والإجازات الرسمية.،تحسين بيئة العمل بالقطاع الخاص من خلال إلزام المنشآت الخاصة، بعمل اللوائح والأنظمة الداخلية والهياكل التنظيمية والهياكل المالية التي ستساعد بلا شك في استقطاب الأيدي العاملة الوطنية . والله من وراء القصد @ عضو مجلس منطقة الرياض عضو مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض