عاد الدولار إلى واجهة الاستثمارات العالمية بعد أن تحسنت صحته وطفق يحقق مكاسب في سعر صرفه المتدهور منذ عدة أشهر أمام العملات العالمية ما هدد الاقتصاد الأمريكي بكساد يضرب مرافقه ويشل حركة التجارة في أقوى واكبر الاقتصاديات العالمية، وقد شجع هذا التعافي الذي دب في جسد العجوز الأمريكي مستثمرون عالميون في التخلي عن المتاجرة بالسلع الأخرى مثل الذهب والنفط وإعادة ضخ أموالهم في شراء العملة الأمريكية سعيا إلى تحقيق مزيد من المكاسب بعد أن برزت توقعات من أن احتمال استمرار الدولار في المسار الصاعد حتى نهاية النصف الأول من هذا العام على أقل تقدير. وبدأت التعاملات أمس الجمعة ضعيفة في الأسواق الآسيوية نظرا إلى أن الأسواق الأمريكية والأوروبية والأسترالية ظلت مغلقة لعطلة سنوية وستمتد لثلاثة أيام مع ربطها بعطلة نهاية الأسبوع غير أن الدولار بقي محافظا على مكاسبه التي حققها في إغلاق يوم الخميس، وهوت أسعار النفط بنسبة إلى 4% إلى 101.84دولار للبرميل لخام ناميكس القياسي فيما فقد الذهب حوالي 25دولارا للأوقية وهبط إلى سعر 920دولارا للأوقية. ويقول متعاملون في تجارة السلع الأساسية ان تراجع النفط تضغط عليه عدد من العوامل متناغمة مع ارتفاع سعر صرف الدولار أمام اليورو ومنها بروز مؤشرات لتراجع الطلب على النفط نتيجة إلى انحسار موسم الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وتراكم الخام في مخزونات الدول الصناعية ومن أهمها الولاياتالمتحدةالأمريكية وهو ما كشفت عنه إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقريرها الأسبوعي، وكذلك المخاوف التي تساور المستثمرين من احتمال دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة من الركود لا سيما بعد أن أشار صندوق النقد الدولي بأنه يرى أن الاقتصاد الأمريكي لا يزال ضعيفا جدا ويوشك بالتأكيد على ركود محتمل. هذا التراجع في أسعار النفط يعيد التأكيد بأن منظمة الأوبك على حق حينما تروت في اتخاذ أي قرار بشأن زيادة أو خفض إنتاجها من النفط الخام خلال اجتماعها الأخير مفضلة أن تبقي سقف إنتاجها على ما هو عليه حتى تتضح الرؤية بالنسبة للحجم الحقيقي للطلب على النفط وتبرز المعالم الرئيسة لخارطة النفط، ويبدو أن لجنة مراقبة السوق في منظمة الأوبك تمتلك أدوات عملية تمكنها من جس نبض السوق بطريقة تكشف عن حقيقته بعيدا عن الضغوط الإعلامية التي تستهدف إبقاء النفط في معدلات ضعيفة.ويقول خبراء عالميون ان النفط ربما يستمر في الانخفاض للأسبوع القادم متكئين على عدد من المعطيات منها انتعاش سعر الدولار ومؤشرات ركود الاقتصاد الأمريكي وانخفاض الطلب والذي قدرته إدارة الطاقة الأمريكية بحوالي 3.2% عن معدلاته لنفس الفترة من العام الماضي، غير أن ارتفاع أو انخفاض الأسعار خاضع لعوامل جيوسياسية وأمنية وإلى ظروف السوق النفطية وسلوك المضاربين.