(أنا معيون) كلمة اجزم أنك سمعتها كثيراً، طبعاً أنا لا انكر العين لقوله صلى الله عليه وسلم (العين حق) ولكني لاحظت على كثير الخوف الشديد من العين لدرجة غريبة حتى أصبحت هاجسه وشغله الشاغل فيندر ان يذكر لك قصة أو حادثة الا ربطها بالعين. ولكن عندما نقف عند قوله تعالى في سورة يوسف (وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون) آية 67.وقد فسر الشيخ ابن سعدي - رحمه الله - هذه الآية بقوله: "ذلك انه خاف عليهم من العين لكثرتهم وبهاء منظرهم، لكونهم أبناء رجل واحد وهذا سبب، (وما اغني عنكم من الله من شيء) فالمقدر لا بد ان يكون، (إن الحكم إلا لله)أي القضاء قضاؤه، والأمر أمره، فما قضاه وحكم به لا بد أن يقع (عليه توكلت) أي اعتمدت على الله لا على ما اوصيتكم به من السبب (وعليه فليتوكل المتوكلون) فان بالتوكل يحصل المطلوب ويندفع كل مرهوب. ومما سبق يتبين لنا ان يعقوب عليه السلام عمل بالأسباب ولكنه توكل على الله وقال وما اغني عنكم من الله شيئاً فالمقدر يجب ان يقع. فافعل الاسباب وتوكل على الله، ولا تتفاخر عند الناس بما حباك الله من نعم، حتى لا تلفت انتباههم، وهذا أيضاً مدعاة إلى التواضع. وإذا فعلت الأسباب وأصبت بالعين فهذا قدر محتوم من الله عليك أن تؤمن به. اما ما انتشر عند البعض من زيادة الوساوس والخوف من العين إلى درجة انه لا يستطيع التعايش مع المجتمع ويرمي اخطاءه على العين والحسد، ويشك في جميع من حوله انهم سيحسدونه، فهذا من عدم الإيمان بالله وبقضائه وقدره. ومما ذكر لي من الطرائف ان شخصاً كان يأكل بسيارته عند أحد الاشارات فنظر اليه من بجانبه نظرة عادية، ولكنه اعتقد انه اصابه بالعين فجعل يتابعه ويطارده، ويأتي بجانبه ويؤشر له بأصبع (السبابة) اشارة إلى الشهادة حتى يذكر الله، ولكن الرجل لم يفهم العبارة فانطلق بسيارته خائفاً من صاحبنا واشاراته التي لم يفهمها.