ناقشت جامعة الملك سعود أخيرا دراسة ماجستير وصفت ب"جديدة الرؤيا في شعر بدر شاكر السياب" الذي تناوله باحثون كثر على مدى عقود عدة، والدراسة التي منحت طالبها الشيخ علي علي محمد آل موسى درجة الماجستير في الأدب العربي أشرفت عليها لجنة، أعضاؤها الدكتور حافظ المغربي (مقرّرا)، والدكتور أحمد حيزم (مناقشاً)، والدكتور صالح الغامدي (مناقشاً). وقال الباحث الاكاديمي ل"الرياض": "سعت الدراسة لتلمس آثار القلق في شعر السياب"، مشيرا إلى أنها تشكلت من ثلاثة فصول، وتحمل الدراسة عنوان "شعرية القلق عند بدر شاكر السيّاب"، وخلص الباحث في رسالته إلى أن هناك آثاراً بارزة في شعر السيّاب خلّفها القلق، ومع غناها وعمقها في ديوانه، إلا أنّه لم يتم تناولها في دراسة جامعية مستقلة، ما يشكل شيئاً من أهمية سبر هذا الموضوع لدى السيّاب، كما يشكل شيئاً من مشكلات البحث التي ستجعله مع شعر السيّاب مباشرة لتلمّس تلك الظواهر، وستوقفه مع صعوبة الفرز بين الظواهر النفسية المتشابكة لتتبع القلق. وأضاف آل موسى "إن كان ثمة دراسات سابقة للتعرف الأثر الفني للقلق يتكئ عليها البحث، فإنّما هي دراسات عن شعراء آخرين غير السيّاب، كبعض الشعراء الجاهليين، وأبي القاسم الشابي". في إشارة منه إلى أسبقية البحث. وتطرح الدراسة أسئلة عن قلق السياب في جوانب عدة، منها الموضوعية والفنية، ف"ما دوافع القلق في شعر السيّاب وما ملامحه" كما تساءل الباحث الذي استفاد من المنهج الوصفي، والتحليلي، والنفسي، والفني؛ بما يتطلبه النص. وتناول الفصل الأول أسباب القلق في شعر السيّاب، مسلطا الضوء على الدوافع الذاتية (الشخصية) من شكل يخلو من الوسامة، ويتم مبكرا، وبحث دائب مخفق عن الحبّ، وشعور بالنقص، وريبة وشكّ فاعلين، وتمزّق داخلي وتناقض في الرؤى والمواقف، وبساطة وانقياد للآخرين، وحدّة في الانفعال، ومرض مزمن متمادي، وحضور ضخم لهاجس الموت. كما ناقش البواعث الخارجية من ثقافية - كالمرجعية الفكرية المتقلبة، والمرجعية الأدبية غير المستقرة. مضافا لذلك بواعث اقتصادية - كالطبقية المرخاة على المستوى الاجتماعي العراقي آنذاك، والفقر المدقع الذي غرس مخالبه في حشاشة السيّاب، وسلطان المال الذي أركع الضمائر واشترى المواقف. واجتماعية - كالأعراف والتقاليد الاجتماعية المستحكمة، وضغط المدينة الذي لم يتأقلم السيّاب الرّيفي معه، والسجن والنفي والتشرد الذي كابد آلامه، والسفر وراء العلاج الذي لم ينبلج له فيه خيط من النور يناغي روحه المرهقة. وسياسية جرت في العراق، كالانتداب البريطاني الذي سامه الذل، وسرق خيراته، والتحولات السياسية الكثيفة في الحكومات المتعاقبة في العراق، وثورة رشيد الكيلاني التي أُعدم بعض قادتها الذين عشقهم السيّاب، وتجرّع بعضٌ آخر منهم مرارة العيش في المنفى. وجاء الفصل الثاني؛ ليتكلّم عن مظاهر القلق لدى السيّاب، وناقش موضوعات عدة، أهمها قلق الامتحان، والقلق الزماني، والقلق المكاني، وقلق الغربة، وقلق الجنس، والقلق الديني والإيديولوجي، وقلق المصير، وقلق الموت، وقلق الدلالة. فيما سلط الفصل الثالث الضوء على بعض الظواهر التي ارتبطت بالقلق في شعر السيّاب، منها التشاؤم، والسوداوية، والاغتراب، والخوف، والشكّ والحيرة، والاضطراب، والكآبة، والحزن والأسى، والسأم، والوحدة، والشحوب، والحنين، والألم، والأوهام، والحسرة، والسهر والأرق، واليأس، والتمركز حول الذات. ويوغل الفصل الثالث في عمق الرسالة، ودرس الباحث فيه "شعرية القلق عند السيّاب"، وهو عنوان الرسالة، مدونا فيه ثلاثة مباحث (أثر القلق في اللغة، أثر القلق في الصورة الشعرية، أثر القلق في الموسيقى الشعرية بشقيها الداخلي والخارجي).