ناقش قسم البلاغة بجامعة أم القرى مؤخرًا بحثًا لدرجة الماجستير تحت عنوان: «متشابه المعاني في شعر امرئ القيس دراسة في الفروق والسياق»، قدمه الباحث جابر بن محمد الأحمري، وأشرف عليه الدكتور دخيل الله الصحفي. ويعد هذا البحث هو أول بحث في المتشابه اللفظي الشعري في العصر الحديث، وفي مجال دراسة المعاني المتشابهة في الشعر على مستوى الوطن العربي في مجال دراسة المعاني. وتهدف الدراسة إلى إيجاد نوع من التكامل في الدراسات البلاغية، حيث تقوم بنقل دراسة المتشابه البلاغي في القرآن، إلى دراسة المتشابه البلاغي في الإبداع الشعري، وينقسم المتشابه الشعري إلى قسمين: متشابه الألفاظ، ومتشابه المعاني، وإن كان قد وجدت أبحاث في القسم الأول، فإن هذا العمل هو الأول من نوعه في القسم الثاني، حيث لم يسبق بدراسة كهذه الدراسة. وجاءت الدراسة في قسمين: نظري وتطبيقي، عنون القسم الأول لها ب(متشابه المعاني المفهوم والتأصيل)، وعالج في فصلين قضية المتشابه نظريًّا، حيث قُدم الفصل الأول معنونًا ب”المفهوم”: وفيه مبحث ناقش عنوان الدراسة وحدودها وكل ما يتعلق بالتعريف بها، خاصة موضوع المتشابه، وموضوع المعاني ودلالاتها عند العلماء، وقضية السياق وأثرها في توجيه دلالات النصوص. وفي الفصل الثاني المعنون ب”التأصيل” من القسم نفسه: ناقشت الرسالة أربع قضايا علمية في أربعة مباحث: الأول جذور المتشابه في التراث الإبداعي والعلمي عند العرب، ونقّب البحث عن وجود هذه الظاهرة عند أكثر من شاعر، في عصور وأغراض مختلفات؛ للتدليل على حقيقة وجودها، ثم نقّب أيضًا عن إشارات العلماء لهذه الظاهرة منذ أن وجدت تلك الإشارات حتى العصر الحديث مبرزًا جهود السابقين والمعاصرين في هذا الأمر. وكان المبحث الثاني في (المتشابه والتكرار والتصرف والاقتدار): بين البحث الفرق بين هذه المصطلحات، وبيّن آراء العلماء فيها، وناقش وجه اتصالها بالمتشابه من عدمه. وثالثها في (المتشابه والسرقات)، وناقش هذا المبحث ما أطلق عليه مسمى (السرقة الشخصية)، ودلّل على أن المراد بهذا المصطلح هو عينه المتشابه، وناقش مقولة أسبقية النقاد الغربيين في الإشارة إلى هذا الأمر، وطرح تعليلاته وبراهينه التي توصل إليها في هذا الشأن. ورابعها (المتشابه والتناص)، ويهدف هذا المبحث إلى التأكيد على أن جزءًا من هذا المصطلح موجود في الدراسات العربية القديمة، وأنه ليس بجديد ما طرحت تسميته على أنه (تناص ذاتي ) في حين أنه معروف عند العلماء بالمتشابه، واقترحت الدراسة تفعيل هذا المصطلح العربي الأصيل. واحتوى القسم التطبيقي في الدراسة المعنون ب(متشابه المعاني في شعر الشاعر) على فصلين: الفصل الأول بعنوان (متشابه المعاني في الغزل) وطُرح في هذا الفصل عدد من أبيات الشعر مع مشابهاتها وحللت تحليلاً بلاغيًا موازنًا يعتمد تلمّس الفروق بين الشبيهين من خلال السياق، مرجحًا المعاني والدلالات الأقرب والأوفق كلٌّ بدليله، مع مناقشة القضايا الفنية بلاغيًا ونقديًّا عند ورودها. وفي الفصل الثاني تحدث عن (متشابه المعاني في وصف الفرس) وضم عددًا من الأبيات في هذا الموضوع ودرست على نسق دراسة الفصل السابق. وتضمنت خاتمة البحث ما توصل إليه البحث من نتائج، كان من أهمها تأكيد أسبقية النقاد العرب في الكشف عن موضوع المتشابه، والتأكيد على ضرورة تفعيل السياق للكشف عن دلالات النصوص، والإفادة من المتشابه وتحليلاته في تحديد زمن قول النص، والترجيح والنفي والتدليل على بعض التأويلات من حيث الصحة وعدمها من خلال المتشابه، وغيرها من النتائج.