أشاد مدير دائرة التعليم في حكومة موسكو يوري غورياتشيف بالعلاقة المتينة التي تربط المدارس السعودية بموسكو بالجهات المختصة في الحكومية الروسية، وأثنى على جهودها في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون الثقافي بين البلدين الصديقين (المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية). جاء ذلك خلال طاولة مستديرة نظمها مركز الشرق بوكالة الأنباء الروسية (ريا نوفوستي) حول موضوع مدى حاجة روسيا إلى مدارس عربية، وأدارها المستشرق الروسي رئيس مركز الشرق قسطنطين مكسيموف، حيث افتتح الطاولة قائلا: نحن نعيش هذه الأيام ضرورة حتمية للتوسع في افتتاح المدارس التي تقوم على تدريس اللغة العربية، على غرار المدارس الصينية واليابانية، وأضاف قائلا: أنا مستعرب روسي من خريجي قسم اللغة العربية أيام الاتحاد السوفيتي، أما الآن فقد نشأت ظروف أظهرت مدى حاجتنا إلى افتتاح المزيد من مدارس تعليم اللغة العربية. وقال غورياتشيف: إن الحكومة الروسية ومن مبدأ حرصها على تعزيز علاقات التعاون مع البلدان العربية فإنها تعمل على تسهيل إجراءات فتح المدارس المتخصصة في تدريس اللغة العربية، ومع أنه لا يوجد الآن سوى مدرستين لتدريس اللغة العربية في روسيا (سعودية وعراقية) إلا أن روسيا شهدت تدريس اللغة العربية في جامعاتها منذ القدم، وأضاف قديما شهد العالم نهوض حركة التحرر واستقرار الدول النامية، ورافق ذلك حرص الاتحاد السوفيتي على مد جسور العلاقات الثنائية والتعاون مع هذه البلدان. وقال أيضا آن الآون للاستفادة من الثروات الفكرية بين روسيا والبلدان العربية ولتجسيد هذا على أرض الواقع فإننا أصبحنا بحاجة إلى افتتاح المزيد من مدارس تعليم اللغة العربية في روسيا الاتحادية، مشيدا في هذا الصدد بجهود عمدة موسكو السيد يوري لوجوكوف الذي يعمل بشكل جاهد على دعم مثل هذه الأفكار، ذلك من خلال بلدية موسكو التي تدعم مثل هذه المدارس التي تعمل على تدريس اللغات الأجنبية، وجهودها في هذا المضمار نحو تعزيز العلاقات بين القوميات بما في ذلك في مجال التعليم الأمر الذي يسهم في تعزيز الصلات بين الشعوب. كما أشار إلى أن هناك أربع مناطق تدرس اللغة العربية إما في مدارس أو مراكز ثقافية أو حلقات متخصصة، بينما يوجد هناك عشر مدارس صينية، وعشر مدارس يابانية، وعدد من المدارس القومية المماثلة لعدد من الدول الأخرى، كالمدارس الإنكليزية والفرنسية والألمانية الشهيرة في روسيا حاليا. والتي يدرس بها قرابة 30ألف طالب وطالبة، والتي تعمل تحت مظلة وزارة الخارجية، لافتاً إلى أن الجالية الأفغانية وبأسباب الظروف التي تكتنف هذا الشعب فإنها تعد أكبر الجاليات على الإطلاق وبالتالي فالطلاب الأفغانيون هم أكثر أبناء الجاليات الأجنبية بروسيا. واقترح غورياتشيف العمل على تطوير تدريس اللغة العربية بخطى حثيثة، ودعم هذه الجهود الرامية إلى توثيق التعاون بين روسيا والعالم العربي، عن طريق التوسع في فتح المدارس والمراكز الثقافية في كلا الاتجاهين، لافتا إلى أن هناك عددا من المراكز الثقافية الروسية في مصر ولبنان وسوريا والمغرب. من جانبه تحدث مدير عام المدارس السعودية بموسكو الأستاذ آدم بن خميس الثويني والذي شارك في هذه الفعالية، قائلا إن النظرة الاستشرافية المستقبلية الصائبة لحكومة المملكة رأت افتتاح مدرسة سعودية في روسيا قبل أكثر من خمسة عشر عاما مضت، مشيدا بدورها في تقوية أواصر الصداقة والتعاون الثقافي بين المملكة العربية السعودية وروسيا الاتحادية، عن طريق مد جسور التعاون والتواصل بين المدارس وعدد كبير من المدارس والمراكز الثقافية والتعليمية بموسكو، وألمح إلى مدى الإقبال الذي تشهده المدارس من قبل أبناء المجتمع الروسي والجاليات العربية والإسلامية يدفعهم ثقتهم في المنهج الدراسي السعودي المعتدل، وقوة المادة العلمية المقدمة ضمن الخطط الدراسية. وحول مدى حاجة روسيا إلى التوسع في تعليم اللغة العربية أوضح أنه يجب الاقتناع بالفكرة قبل البداية في وضع خطط التأسيس، كما أن العمل المؤسسي يجب أن ينطلق نحو إستراتيجية واضحة وقاعدة متينة حتى نضمن جني الثمار اليانعة في الوقت المناسب. كما تحدث الدكتور يوسف أبو بكر رئيس "جمعية المغترب العربي" وقال لقد أصبحت الجالية العربية جزءا لا يتجزأ من المجتمع الروسي، وأشار إلى جهود الاتحاد السوفيتي في افتتاح المدارس في البلدان العربية حيث كان هناك 114مدرسة روسية في عدد من البلدان العربية في سوريا وفلسطين ولبنان، وقد تخرج منها عدد من المترجمين والباحثين والأدباء والشعراء والمفكرين والذي منهم شعراء أسهموا في تأسيس مدرسة المهجر، ومنهم رواد في الأدب العربي خاصة المهجري منه، ومترجمون ومفكرون آخرون. ولا تزال المدارس الروسية في لبنان قائمة حتى الآن منها ما تحول إلى مدارس لبنانية ومنها ما أوصدت أبوابها. أما الدكتور علي علي صالح، رئيس المركز الثقافي العربي "البيت العربي" في موسكو فقد أوضح أن اللغة العربية لغة قوية تحمل حضارة عريقة قديمة تاريخية عالمية، وناشد في هذا الصدد الحكومة الروسية بالاستمرار في تسهيل الإجراءات لافتتاح المزيد من مدارس تعليم اللغة العربية، كما لفت إلى أن العلاقات الثقافية الروسية- العربية تعيش فجوة ثقافية متمثلة في ضعف حركة الترجمة والبحث العلمي بين الجانبين. ويلتقط الحديث الشاعر العربي الياس هدايا أستاذ اللغة العربية بموسكو قائلا: إن تدريس اللغة العربية منذ نعومة الأظافر مهم للغاية، فاكتساب اللغة العربية للأطفال أسهل من الكبار، ومن المستحسن تدريس اللغتين (الروسية والعربية) معاً. وأضاف تظل اللغة العربية لغة عالمية، وهي لغة أساسية بهيئة الأممالمتحدة، كما طالب بدعم حركة الترجمة عن طريق اهتمام الجانبين بنشر لغة كل منهما لدى الآخر. واختتمت الطاولة التي حضرها عدد من الصحفيين والمستشرقين والمهتمين بمداخلة لكبير الباحثين العلميين في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية البروفيسور بوريس دولغوف أيد من خلالها أهمية التوسع في تعليم اللغة العربية للأوساط الروسية الأمر الذي سيعمل على تعرف المجتمع الروسي على الحضارة العربية والإسلامية، ولا سيما إذا كانت تبدأ مع الطفل منذ صغره، ومعللا ذلك أيضا بدورها في نقل الثقافات بين الجانبين، كما لفت إلى جهود معهد الاستشراف في دعم الحركة الثقافية العربية في الأوساط الروسية، بما فيها البحث والترجمة وغيرها. وأكد أن روسيا والعالم العربي تعيش حالة من التقارب الفكري والثقافي، وقد انضمت روسيا مؤخرا كعضو مراقب في منظمة المؤتمر الإسلامي، وقال أيضا: للأسف هناك بعض وسائل الإعلام الروسية تقيّم بعض الأحداث المتعلقة بالشأن العربي بشكل غير منصف وغير منطقي، ولكن كلما أتقن هؤلاء اللغة العربية سيكون لذلك أثر أكبر فيما يكتبون وينشرون.