المهندسون بمختلف مجالاتهم وتخصصاتهم هم أساس التقدم والتطور التقني والعمراني في كل دول العالم بلا استثناء وهو الأمر الذي يجعل من هذه المهنة مصدر فخر لمن ينتمي إليها. نحن هنا في دول الخليج شاننا شأن الآخرين حول المكانة الاجتماعية لهذه الفئة رغم الاختلاف في قضية الاهتمام بهذه الكوادر الهندسية الوطنية التي تشرف على أغلب مشاريعنا العملاقة. في البدء أود أن أعرض بعض الأرقام عن أعداد المهندسين السعوديين وغيرهم في القطاعين العام والخاص كما في الجدول المرفق وهي مأخوذة من التقرير النهائي لمشروع المنهجية الوطنية للتأهيل المهني للمهندسين في المملكة العربية السعودية والصادر من الهيئة السعودية للمهندسين عام 1427ه. والجدول يبين أن العدد الكلي للمهندسين السعوديين هو 21.805مهندس يعمل ثلثاهم في القطاع الخاص بينما لا يمثل العاملون في القطاع الحكومي أكثر من الثلث، وهذا الأمر يطرح تساؤلاً مهماً عن السبب وراء هجرة أو إعراض الكوادر الهندسية الوطنية عن العمل في القطاع الحكومي والتوجه نحو القطاع الخاص. إن من البداهة في مسألة كهذه أن يتجه الذهن إلى قضية الاهتمام المادي والمعنوي المقدم لهؤلاء المهندسين من قبل القطاع الحكومي ممثلا في أصحاب القرار بمجلس الخدمة المدنية الذين ينتظر منهم إقرار كادر أو سلم وظيفي مخصص للمهندسين بشتى تخصصاتهم المعمارية والمدنية والكهربائية وغيرها شبيها بما تم إقراره للأطباء والصحيين والمعلمين. وفي هذا الإطار ينبغي الإشارة إلى جهود الهيئة السعودية للمهندسين وان كانت على استحياء في محاولة إثارة هذا الموضوع دون أن تلقى آذانا صاغية، كما لا يفوتني الإشارة إلى المقترح الذي طرحه عضو مجلس الشورى المهندس محمد بن عبد الله القويحص وفقه الله على المجلس تحت مسمى "مشروع لائحة الوظائف الهندسية" والذي قوبل بالرفض بحجة عدم الاختصاص وكونه ضمن اختصاصات مجلس الخدمة المدنية. في ظل هذا الواقع المؤلم لكأني بالمهندسين العاملين في القطاع الحكومي قد بدأوا بفقد الأمل في تحسين كادرهم الوظيفي فهم منقسمون إلى فئات ثلاث، فبعضهم في سبات عميق بانتظار حلم الكادر الهندسي والبعض الآخر يتطلع إلى فرصة مواتية للانتقال للقطاع الخاص بمميزات مضاعفة أما الفئة الأخيرة فقد رضيت بالأمر الواقع وراح أحدهم يحاول زيادة دخله وخبرته بالعمل الإضافي في القطاع الخاص دون انتظار الإذن من جهة عمله ولسان حاله يقول "علمه بحالي يغني عن سؤالي". فهل من التفاتة من المسؤولين وفي مقدمتهم مجلس الخدمة المدنية ووزارة المالية؟ هذا ما نرجوه وننشده من مسؤولينا الكرام. * عمارة وعلوم بناء - إدارة وهندسة التشييد - استراليا