ونحن نمضي مسرعين، إن شاء الله، في طريق الإصلاح وحلحلة الكثير من أسباب المشاكل التي يعاني منها المستفيدون من الخدمات والمواطنون والمقيمون بصفة عامة، فإن علينا أن نشرع في الأخذ في الحسبان شخصية الموظف المسؤول عن الخدمة سواء كان مديراً أو أقل أو أعلى. أحياناً لا ذنب للنظم والإجراءات ولا التشريعات فيما يحدث من قصور وإنما يعود القصور كبيره وصغيره لخلل في طباع وشخصية وسلبية المدير. خذ مثالاً للتوضيح فقط وطبقه على ما شئت، فها هو مدير إحدى المدارس المتوسطة انقطع الماء عن المدرسة التي يديرها لعدة أيام ونظراً لطيبته الشديدة "السلبية" وعدم رغبته في إزعاج المسؤولين في وزارة التربية والتعليم، لكيلا يكون مديراً مزعجاً، كلف المعلمين بإخراج كل طالب يحتاج لدورة المياه إلى دورات مياه مسجد الحي، ولكم أن تتخيلوا ما يمكن أن ينجم عن هذا التصرف من أخطاء وأخطار وكلفة على المعلمين والطلاب وربما أولياء الأمور لو حدث مكروه أو مكروهات لطالب أو أكثر. بل دعونا نتخيل ما سيحدث للمدير نفسه جراء ذلك وهو بالتأكيد أشد وأقسى مما سينتج عن إزعاج رؤسائه لكنها "فوبيا الرئيس" التي يعاني منها بعض الموظفين وتؤدي إلى معاناة المجتمع بأسره. ومن خلل شخصية المدير أن يكون مسالماً أكثر مما يجب وتواقاً للبعد عن كل خطوة تحقق مصلحة العمل أو مصلحة وطنية لكنها تحتاج إلى قوة شخصية ومواجهة ومحاولة إقناع، وفي هذا الصدد أذكر مقولة لأحد المثقفين الهنود حاورته في هذا الموضوع "المدير السلبي"، فأجابني بمثال لا يخلو من حكمة الهنود، وبلاد الهند معقل للحكمة ودقة الاستدلال، فقال: عندما يكون الجار بديناً وشرساً ويتعمد رمي أوراق الأشجار ونفايات حديقته في حديقة جاره فتغضب زوجة الجار وتطلب من زوجها أن يكون رجلاً ويتحمل مسؤولياته بمنع ذلك الجار الشرس من هذا السلوك وإجباره صاغراً على إزالة ما رماه، فإن الزوج عندما لا يكون قادراً على المواجهة سيقول لها حسناً حبيبتي لا عليك أنا سوف أتولى "كنس" الأوراق بنفسي دن مشاكل وكلانا سيتحقق له ما يريد هو يمارس لذته برمي نفاياته على منزلنا وأنت تسعدين بأن النفايات أزيلت وأنا أسعد بتلافي المواجهة. قلت له يا صاح هذا يصح على المستوى الشخصي أما على مستوى أداء الوظيفة فإن كل ما يفعله المسالم جداً هو ركن أوراق الشجر والنفايات في زوايا الدائرة ليعاني منها الجميع وسيتحمل عبء إزالتها من يأتي بعده. إذاً فإن شخصية الموظف من أهم عناصر الاختيار.