لم نعهد أن يكون التخاطب بين الإنسان والجماد ممكناً , إلا أن من يزور حديقة الملك فهد ويتأمل معاناتها , يستطيع أن يفهم ما تقوله أوراق الشجيرات عندما تتحرك والممرات عندما تطأها الأقدام والأسوار عندما تلامسها الأيادي , كيف لا وهي التي يمر عليها العيد تلوا العيد وهي مهجورة وخاوية على عروشها , وما عيد الأضحى هذا العام بأحسن حالاً من سابقيه , حيث تشكو الحديقة الهجر والإهمال من قسم الحدائق في بلدية الخرج ولسان حالها يقول مخاطباً لهم " أشكو إلى الأسوار والأشجار هجركمُ .. فكيف بالله بعد الوصل تنسوني !! " , وتشكوا الخراب والدمار الذي سببه لها المخربون من الأطفال والمراهقين بعيداً عن أعين الرقيب , ولسان حالها يقول أيضاً " إذا غاب الرقيب بلا اهتمامٍ .. فلا لومٌ على فعل الصغارِ !! ". رغم موقعها البارز على طريق الملك فهد "رحمه الله" حاملةً اسمه , إلا أنه لم يتبقى منها إلا الأسماء فقط , جسدٌ بلا روح .. يوجد فيها الماء بكثرة إلا أنه ماء لا حياة فيه ..لا يوجد سوا شجيرات صغيرة وشي من الثيل هنا وهناك وكأنها جزر متفرقة يحيط بها الماء من كل مكان !! صبات وسياج متهالكة وتالفة ومنهارة في أجزاء الحديقة الشمالية!! دورات مياه غير صالحه للاستعمال الحيواني فكيف بالإنسان!! وجدران أصبحت متنفساً للشباب للكتابة والرسومات !! ليس هذا فحسب ..فهناك ما يثير الدهشة حقاً ويدعوا للاستغراب والتساؤل أين قسم صيانة الحدائق وما هو دورها ؟! , فخزان المياه أصبح مكباً للنفايات !! هناك أيضاً خطر يهدد حياة الأطفال , وهو محول الكهرباء "الجهة الشمالية الغربية" والذي ترك مكشوفاً ومفتوحاً على مصراعيه كدعوة صريحة للموت!! ولكم أن تتخيلوا مقدار الخطر الصحي الذي يمثله تحول خزان المياه إلى مكب للنفايات !!, وخطر ترك محول الكهرباء مكشوفاً لفضول الأطفال وبراءتهم . هذا ما شاهدته عدسة ( الخرج اليوم ) خلال تجوالها في أرجاء الحديقة , ولم يكن يشاركنا في هذه الجولة إلا أحد المواطنين ,الذي بادرنا على الفور عند معرفته بأننا من صحيفة ( الخرج اليوم ) بالقول : "هذه الحديقة غالية على قلوبنا , وهي تحمل إسماً غالياً يعيش في قلوبنا -الملك فهد رحمه الله- فلماذا هذا الإهمال؟ ولماذا لا يوجد حارس أمن يحميها من عبث المخربين؟ ولماذا لا يوجد فيها أشجار كحديقة الملك عبدالعزيز؟ ما ذنبنا بدخول الشباب المتهور بدباباتهم وسيارتهم للحديقة وتعكير جو المرح علينا وعلى أطفالنا ؟ . وفي ختام جولتنا ونظراً لسهولة التخاطب وفهم ما تقوله شجيرات الحديقة وأسوارها وممراتها من رموز وإشارات , حملتنا رسالة للمسئولين حول تطوير الحديقة وصيانتها ليستفيد منها الأهالي وهي التي تحمل اسماً غالياً على الجميع " فهد بن عبدالعزيز " رحمه الله قائلةً : " إذا لم تسمعوا طلب الأهالي .. فأسم الفهد يطلبكم أجيبوا " . بدورها ومن منطلق طرح وجهة نظرها ووجهة نظر المسئول ليكون الحكم للقاري , قامت ( الخرج اليوم ) بالذهاب لقسم الحدائق لطرح هذه التساؤلات عليهم , فقابلنا الأستاذ/ معيض الحربي ووجهنا له الأسئلة لكنه رفض الرد على جميع أسئلتنا بإستثناء سؤلنا عن الدور الذي يقوم به قسم الحدائق؟ , فأوضح أن دورهم يتمثل في الصيانة الكاملة للحدائق والتشجير وتوفير العاب الأطفال! أما بقية الأسئلة فاكتفى بالقول " سوف يكون في بيان آخر !! ".. فهل يعقل أن بياناً حول هذه الحديقة "وهي التي لها سنوات طويلة على هذا الحال " لازال في طور الإعداد والتجهيز حتى الآن !! وحقيقة نحن نستغرب وجود حديقة ومتنفس للأهالي في وسط المدينة مثل حديقة الملك فهد بهذا الشكل السيئ , خاصةً في ظل النهضة الشاملة والتطور الكبير الذي شهدته المحافظة بفضل الله أولا ثم بفضل صاحب السمو الملكي الأمير عبدا لرحمن بن ناصر ,الذي لم يبخل على هذه المحافظة بوقته وجهده لتكون مثالاً يحتذى به في كل مناطق المملكة. كما أن بلدية الخرج قامت بجهود كبيرة ومشاهدة للنهوض بتطوير المحافظة والسعي لرقيها , وذلك بمتابعة شخصية ومستمرة من المهندس إبراهيم بن سعيد أبو راس , والذي يستحيل بكل تأكيد أن يكون مطلعاً على كل ما هو في نطاق إدارته من تجاوزات وسلبيات, نظراً لما تحتويه البلدية من ملفات مثقلة يصعب على رجل واحد متابعتها بدون عمل تعاوني مشترك ومسئول "يعي المسئولية والحمل الذي كلف به" من كافة الإدارات الواقعة ضمن نطاقها .