يتحرك في الصالة الرياضية مثله مثل أي شاب آخر ، يتنقل من جهاز إلى آخر دون مساعدة أي أحد، ويختار الأوزان المناسبة بنفسه كما ان لديه قوة وإرادة قل ما نجدهما عند الكثير من الشباب، هذا ما ذكره مدير إحدى الصالات الرياضية بسيهات (إحدى مدن محافظة القطيف) الكابتن إبراهيم الهاشم عن الشاب الكفيف عبد الله العبود . وأضاف الهاشم: هو شاب طموح ويتمتع بقوة الإرادة والتي تجعله يتمرن ربما بطريقة أفضل بكثير من الرياضيين الآخرين في الصالة ، حيث يلاحظ عليه التركيز الشديد الذي يوليه العبود لكل تمرين يقوم به، ومن المعروف ان رياضة رفع الأثقال تحتاج لتركيز شديد حتى يتحقق الهدف المرجو من التمرين . ويقول الهاشم : عند حضوره للصالة لطلب السماح له بالاشتراك فيها لكي يؤدي التمارين سألته كيف ستتمكن من التحرك في الصالة لتستخدم الأجهزة أجابني كل ما احتاجه هو يومين إلى ثلاثة أيام فقط لمعرفة كافة تفاصيل الصالة وفعلا كان يرافقه في البداية السائق الخاص به والذي كان يساعده لمعرفة مواقع الأجهزة التي يحتاجها لأداء التمارين ، وبعد ثلاثة أيام أصبح يتحرك في الصالة بدون مرافق وهذا ما أصاب الجميع بالذهول . "الرياض" التقت الشاب عبد الله العبود الذي تحدث عن بداية مزاولته لرياضة رفع الأثقال التي استطاع ان يحطم خلالها الرقم القياسي في حمل الاثقال برفعه 120كلغ ويستعد حاليا لتحطيم هذا الرقم كما يطمح بالمشاركة في بطولات كمال الأجسام التي لم يسمح له بالمشاركة فيها لعدم وجود بطولات خاصة بالمكفوفين . تدريبات منزلية ويقول عبد الله العبود : بدايتي كانت بالتمارين في المنزل وذلك بسبب عدم قبول الصالات الرياضية والأندية لي بالسماح بالتمرين داخلها لاعتقادهم باني لن استطيع التحرك داخل الصالة او أنني سأسبب مضايقة للمشتركين في الصالة لعدم معرفتي باستخدام الأجهزة المخصصة حيث واصلت التمارين المنزلية ما يقارب السنة . بعدها التقيت الكابتن هيثم مدن الذي وافق على السماح لي بالتدريب في صالته الرياضية حيث تمرنت لمدة تجاوزت السنة بقليل بعدها حضرت إلى هذه الصالة حيث أصبحت معروفاً على مستوى الصالات لذلك سمح لي الكابتن إبراهيم الهاشم بالتمرين في صالته بعد ان تأكد من قدرتي على تولي كافة أموري في الصالة . ويضيف : طبعا لا أنسى ان اشكر جميع اللاعبين في الصالة حيث اجد منهم التشجيع والمساعدة معي دون أي تردد منهم إضافة لجميع المدربين الذين وقفوا معي وقدموا لي النصح والإرشاد . يتحرك كالمبصر ويؤكد هشام الأحمد الذي يمارس التمارين البدنية في نفس الصالة عن عدم اندهاشه عندما علم ان العبود غير مبصر حيث قال: كنت في البداية استغرب من الطريقة التي يمشي بها حيث يلاحظ عليه البطء في مشيته وعدم التفاته لأي احد في الصالة حيث اعتقدت انه شاب مغرور ولكن كانت المفاجأة انه كفيف ويتحرك بدون مرافقه . ويضيف : كثير من الشباب يفتقد لقوة الإرادة والالتزام اللذين يتمتع بهما العبود كما انه يحظى بروح خفيفة وقبول من الجميع . الرفض زاد إصراري وعن سر اختياره لرياضة رفع الأثقال وكمال الأجسام من بين جميع الرياضات يقول العبود : أحببت هذه الرياضة منذ صغري كما ان وجود بعض أقاربي يمارس هذه اللعبة شجعني لمزاولتها ولكن عندما اصطدمت بالواقع وهو رفض اغلب الصالات والأندية الرياضية ولا انسى ما قاله لي احد المدربين "هذه الرياضة ليست لكم ." وهذا ما زاد التحدي والإصرار في نفسي لاقتحام هذه الرياضة وحتى اثبت للجميع بان الكفيف يستطيع ان يقوم بالكثير مما يعجز عنه المبصرون أنفسهم . وعن الصعوبات التي يتعرض لها أثناء تأديته للتمارين يقول : كنت أعاني بعض الصعوبات في بداية التحاقي في اي صالة رياضية لعدم معرفتي بتفاصيلها ولكن خلال فتره بسيطة استطيع ان ارسم مخططاً كاملاً للصالة ولتوزيع الأجهزة الرياضية وللأوزان ومواقعها . وحدث انه تم إحضار جهاز جديد في الصالة دون إعلامي بذلك حيث كنت أسير كالمعتاد فاصطدمت به مما اثار استغرابي عندها سألت مدير الصالة هل تم إضافة جهاز جديد فأعتذر لي لعدم إخباري بذلك . لا يوجد تشجيع ويشتكي العبود من قلة تشجيع من المجتمع والأندية الرياضية له فيذكر : في البداية كان والدي يرفض ان أمارس هذه الرياضة خوفا علي خصوصا بعد ان سمع تحذير المدربين باحتمال ان أؤذي نفسي خلال ممارستي لها لذا قمت بالتسجيل في إحدى الصالات دون علمه مما أغضبه بعض الشيء ولكن بعد ان شاهد وسمع عني أصبح الآن يشجعني ولكن ما اعاني منه انا والكثير من المكفوفين هو عدم الحصول على اهتمام من قبل مكتب رعاية الشباب وعدم توفر الأندية الخاصة بنا والتي تكون مجهزة بشكل متكامل لنا كما لا يصرف لنا أي مصروف يساعدنا على دفع رسوم للصالات الرياضية ودائما ما اتلقى الوعود بدفع مصاريف الصالات ولكن للأسف لم اتلق الا 250ريالاً مكافأة بعد تحطيمي لوزن ال 120كغ كما ان وضعي المادي لا يساعدني على دفع الاشتراك الشهري للصالات الرياضية خصوصا وانا الآن أجهز لزواجي في الفترة القادمة وكل ما أتمناه مزيدا من الاهتمام بنا فنحن في الأول والأخير أبناء هذا الوطن الغالي ولدينا القدرة على خدمة بلادنا . ويضيف: أكثر ما يحزنني ويضايقني ان يتم نسياني من قبل المدربين في مكتب رعاية الشباب المختصين بالإشراف على فريق الإعاقة البصرية في المنطقة الشرقية حيث لا يتذكرونني إلا قبل البطولة بمدة بسيطة جدا تصل للأسبوع حيث يتم الاتصال بي لطلب الاستعداد في وقت قياسي للمشاركة في البطولة دون ان يتم ترتيب برنامج تدريبي جيد في احد الأندية الرياضية او الصالات الرياضية وذلك لتحقيق مراكز جيدة ولتفادي الوقوع في الإصابات من جراء ضغط التمارين كما لا اعلم لِمَ الإصرار على عدم السماح لنا بالمشاركة في الدخول في مسابقات كمال الأجسام فالكثير لا يصدق أني اعرف جميع الوضعيات الاستعراضية كما ان الحركة على المسرح ليست بالمشكلة الكبيرة التي تمنعني من المشاركة حيث باستطاعتي ان أتعرف على مساحة المسرح وجميع تفاصيله في اقل من ساعة واحدة فقط . لذا انا لا املك الا المشاركة في بطولة رفع الأثقال والتي للأسف لا أجد فيها منافسة حيث ان القليل من المعاقين بصريا يشاركون فيها لذلك انا أتحدى نفسي وأتحدى الوزن الذي أحملة وهذا ما اثار إعجاب المشرفين الرياضيين والمدربين . شكراً ل "الرياض" وفي الختام قدم شكره ل "الرياض" على اهتمامها به التي تعتبر الالتفاتة الأولى له على المستوى الإعلامي متمنياً ان يحالفه الحظ مؤكداً بان معاناته هي معاناة فئة من أبناء الوطن يحتاجون للدعم والأخذ باليد ولا تحتاج للتعاطف لأنها فئة قوية وقادرة على صنع المستحيل .