رغم خبرته في مجال التدريب في رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة التي لم تتجاوز 5 سنوات إلا أنه يؤكد أنه استفاد الكثير والكثير خلال هذه الفترة القصيرة ،وهيب فقيرة مدرب فريق المكفوفين بمركز جدة لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة كشف العديد من الأمور التي تخص رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام والمكفوفين بشكل خاص من خلال هذا الحوار: • رغم أنك اتحادي الميول إلا أنك كنت لاعباً في النادي الأهلي، ومن ثم غيرت مسارك لتغدو مدرباً في فريق الربيع ولم تتردد في أن تكون مدرباً بمركز جدة لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة ما سر هذه التناقضات الغريبة في مسيرتك الرياضية ؟ • لا توجد هناك تناقضات فالميول الرياضية تبقى مجرد ميول وعلى اللاعب أن يستغل فرصته في المكان الذي يجدها فيه وهذا ما حصل معي فقد جاءتني الفرصة للعب في الأهلي ولي الفخر بذلك فهناك تشرفت بلقاء الرمز الأهلاوي الأمير خالد بن عبد الله وفي الأهلي عاصرت العديد من العمالقة الكبار أمثال سانتانا ودابو والصغير وصمدو وغيرهم من النجوم إلا أن إصابتي أجبرتني على ترك الكرة ناهيك عن انشغالي بالدراسة نزولاً عند رغبة الوالد رحمه الله أما مسيرتي التدريبية فقد بدأت عبر منتخب جدة للمدارس الذي كان يضم عدداً من النجوم الحاليين أمثال أسامة المولد ومناف أبو شقير ومحمد مسعد وغيرهم كما عملت مدرباً للبراعم والناشئين في نادي الاتحاد و تخرج على يدي العديد من النجوم أيضاً أمثال نايف هزازي وعبد العزيز الصبياني وعقيل القرني وغيرهم كما دربت في فريق الربيع في معظم المراحل السنية بجانب كوني مدرباً بمركز جدة لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة عامة والمكفوفين خاصة. • دعني أسألك لماذا اخترت التدريب في فئة الإعاقة البصرية بالتحديد ؟ • بعد حصولي على بكالوريوس في مجال التربية الرياضية حصلت على الدبلوم العالي في مجال التربية الخاصة بعدها تم تعييني كمعلم تربية رياضية في المدرسة النموذجية السادسة للمرحلة الابتدائية وكان ذلك العام الذي عينت فيه العام الأول الذي يطبق فيه نظام الدمج بين المعاقين والأصحاء في المدارس فكان هناك عدد من الطلاب المكفوفين وكنت أدربهم على بعض الألعاب الرياضية التي تناسبهم ومن هنا بدأت علاقتي بتدريب المكفوفين. ثقة وفرص • هل واجهت أي صعوبات في التعامل مع هذه الفئة خاصة وأنها تحتاج إلى رعاية خاصة ؟ • هذا بالضبط ما كنت أعتقده في البداية وقد كان ذلك يقلقني كثيراً لكنني اكتشفت بعد ذلك أنني كنت مخطئاً فهذه الفئة ليست بحاجة إلى الرعاية والشفقة والتعاطف بقدر ما هي بحاجة إلى الثقة وإعطاء الفرصة لها فهؤلاء لديهم من الإبداع والقدرات الخاصة ما يجعلهم أفضل بكثير من غيرهم من الأصحاء الذين يملكون الصحة والعافية لكنهم يفتقدون إلى ذلك الكنز الذي يمتلكه هؤلاء وهو الإصرار والإرادة والعزيمة • أليس من الغريب أن يمارس الكفيف الرياضة وهو لا يرى أمامه إلا الظلام، وما هي الألعاب الرياضية التي يمارسها المعاق بصرياً ؟ • الغريب ألا يمارس الكفيف الرياضة فهو إنسان طبيعي لا يختلف عن الآخرين غير أنه فاقد للبصر لكن الله عوضه بالبصيرة كما أن الكفيف تصبح لديه الحواس الأخرى قوية جداً كاللمس والشم والإحساس بالأشياء من حوله وهو قادر على ممارسة العديد من الألعاب الرياضية مثل لعبة كرة الهدف وهي اللعبة الأم بالنسبة للمكفوفين إضافة إلى ألعاب القوى ورفع الأثقال والتصويب على السلة والسباحة وغيرها من الألعاب التي يستطيع الكفيف ممارستها والتألق فيها إذا وجد التدريب المناسب. ضعف الميزانيات • ما هي أبرز الصعوبات والمعوقات التي تواجهكم في رياضة المكفوفين سواء على صعيد المدربين أو اللاعبين ؟ • الصعوبات التي تواجهنا في رياضة المكفوفين هي نفسها تلك التي تواجه رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام وعلى رأسها غياب المنشآت الخاصة بالمعاقين وبصراحة لا أؤيد دمج المعاقين في الأندية الرياضية لأن الأندية تعاني من أزمة مادية وهذا ما نسمعه كثيراً في وسائل الإعلام لذا فهي لن تحتمل إضافة ألعاب جديدة أو فرق للمعاقين لذا فإن الأندية الخاصة بالمعاقين هي الحل الأمثل لعلاج هذه المعضلة إضافة إلى أن هناك مشكلة أخرى تواجه المعاقين وهي عدم توفر المواصلات مما يصعب عليهم الانتظام في حضور التدريبات حيث إن المعاق يعتمد على والده أو سيارات الأجرة لحضور التمارين مما يكلفه عبئاً مادياً يصعب على الكثيرين منهم تحمله وأتمنى أن تخصص لكل مركز لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة سيارة مخصصة ومجهزة لنقل المعاقين من التدريب وإلى المنزل وهذا يقودنا للحديث عن مشكلة أكبر نعاني منها نحن رياضيي ذوي الاحتياجات الخاصة وهي ضعف الميزانيات في مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة فنحن نفتقد إلى أبسط احتياجاتنا من الملابس والمعدات الرياضية وهذا أمر طبيعي عندما نعلم أن ميزانية المركز لا تتجاوز 84000 ريال سنوياً شاملة لمكافآت اللاعبين والمدربين والإداريين التي تصل في مجموعها إلى 80000 ريال مما يعني أن المركز قائم طوال العام على 4000 ريال فقط وأنا أخجل كثيراً عندما أتحدث عن المكافآت فنحن نتحدث عن 500 ريال للاعب سنوياً و8000 ريال للمدرب والأدهى والأمر أنها منقطعة منذ ما يزيد عن عامين . • ولماذا لم تخاطبوا المسؤولين بهذا الشأن فانقطاع المكافآت طوال هذه الفترة ليس بالأمر اليسير ؟ • رفعنا عدة خطابات مرفقة بشكاوى اللاعبين والمدربين وخاطبنا عددا من المسؤولين ولكن الكل يلقي باللائمة على الآخر ولا نعرف من المسؤول. غياب الإعلام • هل يسلط الإعلام الرياضي الضوء على رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة بالشكل الكافي من وجهة نظرك ؟ • بالطبع لا فهناك 50 فعالية للاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة في جميع الألعاب تقام طوال العام فضلاً عن المشاركات و البطولات الخارجية التي يحقق فيها أبطالنا أعظم الإنجازات على الصعيدين القاري والدولي ولم نشاهد أي اهتمام إعلامي بذلك كله وأعتقد أن التقصير هنا ناجم عن اللجنة الإعلامية بالاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة التي ينبغي أن تبذل جهداً أكبر حتى تنال الألعاب الرياضية لهذه الفئة حقها من المتابعة الإعلامية. معاملة قاسية • كيف ترى نظرة المجتمع نحو ذوي الاحتياجات الخاصة؟ • أعتقد أن النظرة السلبية المتمثلة في الشفقة والتعاطف من قبل المجتمع تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة قد تقلصت بشكل كبير في السنوات الأخيرة ولكن ما زال هناك فكر غريب نلاحظه بشكل فردي في التعامل مع هذه الفئة فهناك موقف مؤلم أثر بي كثيراً ودمعت له عيناي وذلك عندما اتصل بي أحد طلابي المكفوفين ويدعى ماجد المحوري ليبلغني أن أحد حراس الأمن باستاد الأمير عبدالله الفيصل بجدة يمنعه من الدخول للملعب من البوابة المخصصة للمعاقين لمتابعة فريقه المفضل وهو الأهلي في مباراته مع سبهان الإيراني، رغم أنه أظهر له البطاقة الخاصة بالإعاقة إلا أنه أصر على رفضه وظل هذا الشاب الكفيف يتوسل لحارس الأمن ليدخله حتى نهاية المباراة عندها دمعت عينا هذا الكفيف فتوعد حارس الأمن غاضباً بأنه سينشر الخبرفي الإعلام المقروء ليرد عليه حارس الأمن بكل سخرية واستهزاء إن استطعت أن تنشرها في الصفحة الأولى فلا تقصر !، وقد تألمت لهذا الموقف كثيراً، وأتمنى من سمو الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل أن يتخذ الإجراء الصارم بحق هذا الحارس الذي لم تتحرك داخله مشاعر الرحمة والإنسانية حتى يكون عبرة لغيره ممن يعامل هذه الفئة بإهانة وإذلال. • هل يقتصر تدريبك على فئة المكفوفين أم أنك تدرب لفئات الإعاقة الأخرى؟ • في الحقيقة أنا أفضل تدريب فئة الإعاقة البصرية فقد تعايشت وتأقلمت معهم بشكل كبير فأنا أعرف نفسياتهم وأستطيع التعامل معهم بالشكل المطلوب لكنني في الوقت ذاته لا أتردد في مساعدة زملائي المدربين في تدريب الفئات الأخرى من الإعاقة في مختلف الألعاب وخاصة كرة القدم لعبتي الأولى التي أعشقها كثيراً. كلمة أخيرة .. • في الختام أود أن أشكر صاحب السمو الملكي الأمير نواف بن فيصل على ما يبذله من جهود جبارة لتطوير الاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة كما أود أن أوجه الشكر لك ولصحيفة«عكاظ»على هذه الصفحة الأسبوعية المميزة التي تعنى برياضة ذوي الاحتياجات الخاصة ونحن سعداء جداً لأننا وجدنا من يسمع صوتنا أخيراً بعد حديثه ل«عكاظ» إبصار تتبنى موهبة المحنشي في بادرة جميلة ورائعة قامت جمعية إبصار الخيرية المهتمة بذوي الإعاقة البصرية بتبني البطل المعاق في رياضة السباحة حسام المحنشي حيث تكفلت الجمعية بنفقات دراسته وعلاجه إضافة إلى نفقات مدربه الخاص محسن هاشم وقال أمين عام جمعية إبصار الأستاذ محمد توفيق بلو «تتشرف جمعية إبصار بتبني موهبة فريدة ومميزة كموهبة الطفل حسام المحنشي رغم أنه ليس من ذوي الإعاقة البصرية وتأتي هذه البادرة من الجمعية في إطار حملتها لتعليم وتأهيل المعاقين بدعم من صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز وأضاف بلو نحن قمنا بواجبنا الاجتماعي نحو ذوي الاحتياجات الخاصة ونفخر بدعم أحد أبطال الإعاقة الرياضيين حتى تتاح له الفرصة لتحقيق الإنجازات باسم هذا الوطن الغالي» . يذكر أن«عكاظ» كانت قد انفردت الأسبوع الماضي بعرض قصة الطفل حسام المحنشي المصاب بشلل دماغي وسلطت الضوء على إنجازاته وبطولاته التي تبرهن على موهبته الكبيرة.