برهن الإقبال على دورات التايكوندو والكاراتيه والملاكمة وما يعرف ب«الدفاع عن النفس» التي زينت إعلاناتها بعض المجمعات، أن عصر الفتوة عاد من بوابة القرن ال21. وبعدما كادت المهنة أو الهواية التي تعورف عليها ب«الفتوات» تنزوي وتندثر في ظل توفر الأمن والأمان في المجتمع، بفضل انتشار رجال الأمن في ربوع القرى والهجر، ناهيك من المدن، أعادت تلك الدورات مفهوم «عصر القوة» للأذهان. وأصبح العديد من شباب جدة، يتدربون تحت شعار واهن اسمه «الدفاع عن النفس»، وأحيانا ممارسة الرياضة، فيما السؤال الذي رفضوا الإجابة عنه فحواه «يتدربون من أجل ماذا؟». قتال الشوارع ربما كان قتال الشوارع هو الهدف الخفي وراء تلك الدورات، التي تساهم في ترسيخ مبدأ الرياضة العنيفة، فيما انشغلت الأندية الرياضية بتوفير الأدوات اللازمة للممارسة، دون التطرق لأي رغبات في مشاركة رياضية عالمية أو إقليمية. واللافت للنظر أن انتظام الشباب- حسب المختصين- «لا يضاهيه انتظام، فهناك الحرص على الحضور المبكر، والانتباه والتركيز في الحصص والتمارين، والعمل على إتقانها، حتى يظن المتابع أن المحاربين الجدد قادمون». عودة الفتوات وأعاد المشاركون في الدورات إلى الذهن فتوات الحواري وأصحاب العضلات، ولكن بشكل احترافي ومنظم في هذا العام، في وقت تصاعدت تجارة الأندية الصحية والرياضية وصالات الحديد وكمال الأجسام والملاكمة وصالات تدريبات الكونغ فو والدفاع عن النفس، حيث ارتفعت عوائد هذه الأندية شهريا بشكل ملحوظ، وسط تنافس على تقديم الأميز والأفضل من حيث التجهيزات والمعدات والآلات المخصصة للتدريب. وتضم العديد من تلك الأندية في جدة مدربين وأبطالا عالميين، يتولون التدريب في وقت يزجون فيه سنويا بأبطال مميزين حتى وإن كانوا خارج قائمة الأندية المعروفة، ويتلقون التدريبات في أندية خاصة، بل إن هنالك أندية وجدت في المنتسبين لتلك الأندية ضالتها، للبحث عن أبطال يضيفون إنجازات وأرصدة لهم على مستوى بطولات محلية أو عربية أو قارية أو عالمية. وفي جدة اندمج نحو 20 شابا أخيرا في دورة أقامها أحد الأندية الشهيرة بالمحافظة بتنظيم من مدير النادي الكابتن والمدرب العالمي محمد يحيى نوح، وتم من خلالها استضافة نائب رئيس الاتحاد الدولي للكيك بوكسنج الجراند ماستر الدكتور وليد قصاص، وتم من خلال الدورة التعرف على العديد من مهارات الملاكمة والركل واختبار قوة الرمي والدفاع عن النفس. شباب الكيك بوكسنج المشارك الشاب ريان محمد التحق ببرنامج للدفاع عن النفس، وتعلم من خلاله العديد من المهارات التي تخص رياضة البوكسنج وتلقى تدريبات من قبل مدربين عالميين، مشيرا إلى أن الشباب في الوقت الراهن اتجهوا بشكل مكثف وغير مسبوق نحو الصالات المغلقة، للتدريب وقضاء وقت الفراغ «الأمر يحتاج إلى صبر وتحمل وجلد، ولكنه في النهاية يصب في مصلحة الشاب، فالتدريبات الرياضية تنشط الذهن، وتوفر للشباب أجواء لقضاء وقت فراغه فيما يعود عليه بالنفع وكذلك الاستفادة من خبرات العديد من المنتسبين لهذا المجال». فرصة سانحة ويرى المشارك الشاب محمد الغامدي أن الصالات الرياضية مميزة لهم «هي خيار جيد لأي شاب كي يقضي وقت فراغه، كما أن أسعارها مناسبة، والتدريبات تصقل مواهب الشباب الذين بدؤوا يتجهون إلى رياضات حديثة بمعايير عالمية، وقررت أنا وزملائي منذ فترة بسيطة الالتحاق بإحدى صالات الأندية لبناء الأجسام حتى ولو لساعة يوميا حتى نجدد نشاطنا، وننمي مواهبنا ونوظف أوقات فراغنا نحو الأفضل». فوائد متعددة لكن صاحب أحد الأندية المهندس محمد حسين قطان، دافع عما أسماه نشاطا رياضيا «فمثل هذه الأندية توفر للشباب جوا رائعا من التدريبات، وتخلق لهم فرصة المنافسة على كافة الأصعدة، والصالات المغلقة تصنع أبطالا مميزين لهم بصمتهم في رياضات مختلفة، إضافة إلى أنها توفر لهم طاقة وحيوية ونشاطا وأبعادا نفسية إيجابية، وأيضا توفر للآخرين ممن يطمعون في إنقاص أوزانهم أو الرياضة أو الحمية أو المحافظة على الوزن أو بناء العضلات أن يندمجوا في تلك الأندية والصالات» .