لقد تابع الجميع يوم الجمعة الفائت الإعلان عن نشر التقرير السنوي لرؤية السعودية 2030 في عامها التاسع، حيث إنَّ هذا الإعلان هو جزء من النهج الشفاف في التواصل، وإبراز التقدم في مؤشرات الأداء وعرضها بشكلٍ أوسع من خلال ربطها بالاستراتيجيات الوطنية المعلن عنها تباعاً، والتي هي أدوات فاعلة في تحقيق مستهدفات الرؤية. لا شك أنَّ النهج المتبع في الرؤية كخطة غير عادية واستثنائية يقوم على الترتيب الموضوعي من خلال البدايات التي كانت بتقييم الوضع الراهن ثمَّ الإصلاح إلى التنمية ثمَّ الطموح والعمل على تحقيق المستهدفات نحو المستقبل المشرق؛ لذلك تستمر المملكة -ولله الحمد- بتحقيق المستهدفات بسرعة تفوق التوقعات والأهداف في كثير من القطاعات التي استطعنا فيها أن نحول الرؤية إلى واقع ملموس من قبل الجميع؛ فقد كانت نسبة مؤشرات الرؤية التي حققت مستهدفاتها المرحلية أو تجاوزتها 93 في المئة؛ بالإضافة إلى نسبة المبادرات المكتملة التي تسير على المسار الصحيح بلغت 85 في المئة وهي نسب إنجاز تدعو للفخر رغمَّ كل السياقات التي أحاطت وتحيط بنا منذ انطلاق رؤية السعودية في أبريل عام 2016. حسب الخطط الموضوعة هناك العديد من المستهدفات قد تحققت قبل أوانها بفضل الله تعالى؛ وهذا كان نتيجة تضافر مجموعة من العوامل والجهود التي يقف وراءها في المقام الأول إيمان أبناء الوطن والتفافهم حول الرؤية وقادتها مدعوماً بأداء حكومي متين ومتسق الجهود بالإضافة إلى دور مميز للقطاع الخاص وأثر ملموس للقطاع غير الربحي، وهو ما نلمسه من خلال زيادة عدد المتطوعين وتحقيق قطاع التراث قفزة نوعية بين مواقع التراث العالمي، وانخفاض معدل البطالة إلى 7 في المئة وهو مستهدف 2030 والأهم من ذلك هو الإنجازات المرتبطة بهذا المستهدف من خلال رفع القدرات البشرية وتصحيح هيكلية سوق العمل. ورفع مشاركة المرأة وزيادة عدد السياح. هذه المستهدفات المتحققة حفَّزت الحكومة إلى إحداث تغييرات ووضع مستهدفات جديدة وهي 40 في المئة مشاركة للمرأة و150 مليون سائح في 2030؛ مما أكسب الرؤية سمة المرونة والتكيف مع الظروف المحيطة. إنَّ الرؤية من خلال تركيزها على التحول الاقتصادي الملموس من خلال اقتصادنا الوطني الصلب والمتين؛ أدت إلى فتح أبواب جديدة لتنويع الاقتصاد واستدامته من خلال إطلاق الإمكانات وتوسيع الاستثمارات وهو ما أدى بشكل مباشر إلى خلق الوظائف وتحسين جودة الحياة وزيادة الفرص النوعية للمواهب واستقطاب، وجذب العديد من المستثمرين ورفع إسهام القطاع الخاص. كل ذلك كان مدعوماً بالمكانة التي تحظى فيه المملكة على الساحة الإقليمية والعالمية، حيث رفع القطاع الخاص إسهاماته في الناتج الإجمالي المحلي إلى 47 في المئة محققاً مستهدف 2030 ؛كما اختارت 571 شركة عالمية نقل مقراتها الإقليمية إلى السعودية وهذه المؤشرات على سبيل الذكر لا الحصر. الجدير بالذكر أنَّ الرؤية تقوم بمراجعات دورية للأداء والمؤشرات وفق منهجيات القياس والمقارنة مع الممارسات الدولية وتقوم بناءً على ذلك بالتصحيح عند اقتضاء الحاجة من أجل تعزيز عملية تحقيق المستهدفات ومن مبدأ الشفافية أشار التقرير إلى 10 مؤشرات قاربت على تحقيق المستهدف، و3 مؤشرات دون المستوى المطلوب تتعلق بمؤشر الأداء البيئي وعدد المدن السعودية المصنفة ضمن 100 مدينة صالحة للعيش وحصة الصادرات غير النفطية من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. ختاماً كما ذكرت في البداية، العامل الثابت في تحقيق مستهدفات الرؤية هو أبناء هذا الوطن؛ حيث إنَّ الجميع أصبح من جيل الرؤية وجزء لا يتجزأ منها من خلال وعيه ودعمه والتفافه حول قيادتنا التي تسعى بدأب لتحقيق المزيد من الطموحات والمستهدفات. وإنَّ أساس الاستمرار بالنجاح هو الحفاظ على المكتسبات التي تحققت في جميع القطاعات لتبقى الرؤية قائمة على شغف مواطن طموح يسعى لتحقيق أهدافه التي هي جزء من رؤية وطن أصبحت تلهم الدول في تجربتها التحولية.