مازالت تداعيات فرض رسوم جمركية على الواردات التي بدأها الرئيس الأميركي دونالد ترمب تلوح في الأفق، وتؤثر بشكل كبير على النشاطات الاقتصادية العالمية، وزاد من ضراوة هذه الحرب قيام الدول الأخرى بفرض رسوم جمركية مُضادة على الواردات الأميركية، في مشهد لطالما حذرت منه الأوساط الاقتصادية والمنظمات الدولية المتخصصة. وإذا كانت حرب الرسوم الجمركية أثرت في الأسواق العالمية مجتمعة، إلا أن تأثيرها الأكبر كان جلياً على أسواق الأسهم والنفط والذهب، التي مازالت تشهد هزات عنيفة أربكت استقرارها المعهود، الأمر الذي أوجد نوعاً من عدم الثقة في الاقتصاد العالمي وقدرته على التعامل الإيجابي مع المشهد الجديد لحرب الرسوم الجمركية. ولأن الأسواق السعودية ليست بمعزل عن الأسواق العالمية، فكان طبيعياً أن تتأثر بما شهدته من أحداث، وظهر هذا التأثير -على سبيل المثال- في تراجع سوق المال خلال الأيام الماضية، إلا أن هذا التأثير -وفقاً للمحللين السعوديين والدوليين- مؤقت، ولن يستمر طويلاً، عطفاً على قوة الاقتصاد الوطني الذي يعيش هذه الأيام أفضل فتراته على الإطلاق، بعد القفزات الهائلة والإيجابية في مساراته المختلفة، هذه القفزات شهد بها العالم والمنظمات الدولية التي رأت أن قيادة المملكة نجحت في الوفاء بكل وعودها المدرجة في رؤية المملكة 2030، ومن بين هذه الوعود تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مبيعات النفط كما كان في السابق، وهو ما نفذته الرؤية على أرض الواقع باستحداث قطاعات اقتصادية عديدة لم تنل حظها من الاهتمام في السابق، مثل: الترفيه والسياحة والسفر والتقنيات والذكاء الاصطناعي، وغيرها. يضاف إلى ما سبق، أن سوق المال السعودي تُعد من أكبر وأضخم الأسواق في منطقة الشرق الأوسط، ولديها مرتكزاتها وقواعدها التي تجعلها تحافظ على مكانتها لملاذ آمن ومستدام للاستثمار، وهو ما يؤكد على قوة السوق وقدرتها على استعادة عافيتها، وتعويض خسائرها خلال أيام قليلة. ويجمع الكثيرون على أن كفاءة برامج الرؤية السعودية، والدقة في تنفيذها، هو ما أثمرت عنه إعادة بناء الاقتصاد الوطني على مرتكزات صلبة وقوية، تجعله قادراً اليوم على امتصاص الصدمات والتعامل المثالي مع الأزمات العالمية، وهو ما بدا جلياً إبان أزمة جائحة كورونا التي أربكت حسابات أكبر الاقتصادات في العالم، بينما كان الاقتصاد السعودي متماسكاً وقوياً وراسخاً لدرجة أذهلت العالم.