أصبحت المملكة منطلق الثقة ومنبعه لدى المجتمع الدولي في حل النزاعات والصراعات المستمرة التي أدت إلى نشوء هذه السلسلة المستمرة من الحروب والكوارث الإنسانية، وبفضل المحددات التي تتصف بها سياسة المملكة، وحيادها الإستراتيجي وفي مقدمتها السعي لإحلال السلام والاستقرار العالمي، وقدرتها بالحفاظ على علاقات دولية متوازنة تمنحها الاحترام والتقدير من الجميع، ولا شك أن هذه الثقة لم تمنح من باب الصدفة، بل كانت انعكاساً لتاريخ برزت فيه المملكة بمساعيها الدبلوماسية التي رسمها ولي العهد، عراب السياسة السعودية وربانها، حيث أجرى مسبقاً عددًا من الزيارات والجولات المتبادلة بينه وبين قادة وزعماء الدول، شملت الكثير من الدول، وترأس وفد المملكة في الأحداث العالمية الكبرى. وفي خضمّ الأزمة التي تشهدها العلاقات بين كييف والبيت الأبيض أعربت وزارة الخارجية عن ترحيب المملكة في بيان لها: باستضافة اللقاء المقرر بين الولاياتالمتحدة الأميركية وأوكرانيا الذي سيعقد في جدة الأسبوع المقبل. وأكدت الوزارة استمرار المملكة في بذل جهودها لتحقيق سلام دائم لإنهاء الأزمة الأوكرانية، حيث واصلت خلال الثلاث سنوات الماضية هذه الجهود من خلال استضافتها العديد من الاجتماعات بهذا الخصوص، وتمثلت جهود المملكة في حل الأزمة الأوكرانية منذ بدايتها بالقيام بجهود دبلوماسية وأنشطة إنسانية من خلال استضافة اللقاءات الدولية بين الأطراف المتنازعة، ودعم المفاوضات وتقديم المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المساعدات الغذائية والطبية، وهذه الجهود تعكس التزام المملكة بالسلام والاستقرار في أوكرانيا، وتسعى من خلال ذلك لتحقيق سلام دائم في المنطقة. المملكة حليف تاريخي للولايات المتحدة في المنطقة، وقدّمت نفسها كوسيط منذ نشوب الأزمة الروسية - الأوكرانية في فبراير 2022، وفي الوقت نفسه احتفظت الرياض بعلاقة وثيقة مع موسكو وكييف واستقبلت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكثر من مرة، حضر خلال إحداها قمة الجامعة العربية مايو 2023 في جدة، كما التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في يونيو الماضي، وساعدت المملكة أيضًا في المفاوضات بشأن السجناء. بناء على ما تقدم ربما ستبرز التوقعات حول الأبعاد السياسية أثناء اللقاء المقرر بين الولاياتالمتحدة الأميركية وأوكرانيا في جدة عبر تأثير اللقاء بشكل كبير على العلاقات بين البلدان المشاركة، وسيكون مركزاً على قضايا مهمة مثل: الأمن الإقليمي والتجارة والتعاون الاقتصادي، كما قد يتم النظر في قضايا مثل الصراع في أوكرانيا والتعاون في مجال الطاقة، ومثل هذه اللقاءات سيكون لها تأثير كبير على السياسة العالمية، ويمكن أن تؤدي إلى تحالفات جديدة وتعاون على مستوى أكبر بين البلدان.