يشكل موضوع الرثاء في الشعر العربي والشعبي عنواناً لاجمل واصدق وارق ما قيل فهو مدح للميت يحمل في جوانح كلماته الصدق والعاطفة الجياشة واللوعة والآسى. سئل احد الاعراب: لماذا تعدون الرثاء من اصدق اشعاركم؟ فقال: لاننا نقوله وقلوبنا تحترق. وللرثاء من قوة التأثير ما يجعله يتغلغل بين حنايا النفس فيهز المشاعر وكثيرة هي مراثي المهلهل في اخيه كليب حيث دارت حروب طاحنة بين تغلب وبكر وكان المهلهل يقول شعر الرثاء بعاطفة جياشة وقد اخذ على نفسه عهداً بعدم الصلح: كليب لا خير في الدنيا ومن فيها اذ انك خليتها فيمن يخليها كليب اي فتى عز ومكرمة تحت السقائف اذ يعلوك ساقيها نعى النعاة كليباً لي فقلت لهم مالت بنا الأرض او زالت رواسيها الحزم والعزم كانا من صنيعته ما كل آلاثه ياقوم احصيها انها مشاعر حزينة فقد بكاه بكاءاً مراً سنوات طويلة وقد اخذ على نفسه عهداً بعدم الصلح بالرغم انهم ابناء عمومة. وله ايضاً قصيدة رائعة يقول فيها: دعوتك ياكليب فلم تجبني وكيف يجبني البلد القفار اجبني ياكليب خلاك ذم لقد فجعت بفارسها نزار فجادت له يمني يدي بطعنه كست متنه من اسود اللون حالكا ومن المراثي الشعبية في الملك عبدالعزيز رحمه الله هذه القصيدة للشاعر عبدالله عبدالله حمد رمضان الوهيب التميمي يقول فيها: ياقلبي اللي من شقي الوقت يزداد همه وغمه كل يوم بزايد والنفس من مدة تعبي عن الزاد والنوم ياقف له عن العين زايد ابا تصبر وتجلد ولا فاد والصبر ولع بالضماير وقايد علم من الطايف لنا هز الاطواد وهز العروش الثابتة والسنايد ويجمع النقاد على ان اصدق ما قيل في شعر الرثاء شعر الخنساء في اخويها الفارسين معاوية وصخر ابني عمر بن الزيد السلمي قالت في اخيها صخر: قذى بعينيك ام بالعين عوار ام ذرفت اذا خلت من اهلها الدار كأن عيني لذكراه اذا خطرت فيض يسيل على الخدين مدرار وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار قيل ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل البيت الحرام فرأى الخنساء تطوف بالبيت محلوقة الرأس وتلطم خدها، وقد علقت نعل صخر في ضمارها فوعضها فقالت اني رزئت فارساً لم يرزأ احد مثله. فقال: ان في الناس من هو اعظم منك مرزأة، وان الإسلام هدم ما كان قبله، وانه لا يحل لك كشف رأسك ولطم وجهك فكفت عن ذلك وكانت ترى في بكائها على أخيها صخراً حسناً وجميلاً: اذا قبح البكاء على قتيل رأيت بكاءك الحسن الجميلا