تاريخ الأمم يكتب من خلال الأحداث التي صاحبت بداياتها وارتباطها بحاضرها ومستقبلها، هي سلسلة متصلة مترابطة ممتدة منذ أكثر من ثلاثة قرون، عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1727م في الدرعية، ليضع بذلك اللبنة الأولى لقيام أول كيان سياسي موحد في شبه الجزيرة العربية. لم يكن تأسيس الدولة السعودية الأولى مجرد حدث سياسي عابر، بل كان نقطة تحول في تاريخ الجزيرة العربية، حيث وضعت الدرعية الأسس القوية للدولة القائمة على الوحدة والاستقرار، والتمسك بالقيم الإسلامية، وبناء نظام حكم راسخ، ورغم التحديات التي واجهتها الدولة عبر مراحلها الثلاث، فإنها نجحت في الصمود والتطور حتى قامت الدولة السعودية الثالثة بقيادة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - الذي وحد البلاد تحت راية واحدة عام 1932م، لتصبح المملكة العربية السعودية كيانًا قويًا ومؤثرًا على المستويين الإقليمي والدولي. منذ يوم التأسيس إلى يوم التوحيد وصولاً إلى عهدنا الحاضر تسير بلادنا - حفظها الله ورعاها - من عز إلى عز، ومن فخر إلى فخر، بلاد قل مثيلها، ففي كل مرحلة من مراحلها يأبى شموخها إلا أن يكون حاضراً مشعاً قوياً ومؤثراً، بلاد حباها الله لتكون حاضنة للحرمين الشريفين أطهر بقاع الأرض، وسخر لها خير الناس ليقوموا على أمرها، ويكونوا خداماً لبيت الله الحرام وللمسجد النبوي الشريف، وهو شرف ليس بعده شرف، وما لقب (خادم الحرمين الشريفين) إلا اعتزاز وفخر من قادة بلادنا أن يكون لقباً لهم. الدولة السعودية بمراحلها الثلاث قصة تناقلتها الأجيال المتلاحقة، كونها قصة الحزم والعزم والرؤية المستنيرة التي استشرفت المستقبل، ووضعت بصمة لا يمكن محوها، بل تزداد رسوخاً مع الزمن، بصمة عز ورخاء ورفاه لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال. يوم التأسيس ليس مجرد ذكرى تاريخية نستذكرها في وقتها، بل هو جسر ممتد بين الماضي العريق والحاضر المزدهر والمستقبل الواعد، يوم التأسيس مناسبة لتعزيز الولاء والانتماء، واستلهام العبر من تاريخ الأجداد لمواصلة مسيرة البناء، فكما كان التأسيس بداية لدولة عظيمة، فإن الحاضر يشهد انطلاقة جديدة نحو مستقبل أكثر إشراقًا، قائم على الطموح والإرادة والتحديث المستمر، ليبقى الوطن شامخًا عبر الأجيال.