تطوير فكر الموظف ونقله إلى آفاق أوسع من أهم الركائز التي تساهم في بناء مؤسسة ناجحة ومستدامة، إن الموظف الذي يتمتع بفكر متجدد ومواكب للمتغيرات يُعد استثمار حقيقي يعكس قيم الابتكار والإبداع في بيئة العمل، غير أن السؤال الأساسي في مثل الشأن، على من تقع مسؤولية هذا التطوير؟ الجواب الواضح أن المسؤولية تبدأ من القائد، سواء كان المدير أو الرئيس، حيث يُعد القائد المحفّز الأول والمرشد الذي يشعل فتيل التغيير في فريق العمل، القائد هو من يحدد ثقافة المؤسسة ويرسم معالمها عندما يبدأ بتعزيز ثقافة التطوير المهني والفكري وهذا ينعكس مباشرة على أداء الموظفين ومن الضروري أن يكون القائد قدوة في التعلم المستمر والانفتاح على الأفكار الجديدة، لأنه عندما يرى الموظفون قيادتهم تسعى للتطوير، فإنهم يميلون إلى تبني نفس النهج، وتعليق الجرس يبدأ من القائد عبر اتخاذ خطوات عملية تشجع الموظفين على تطوير أنفسهم. على سبيل المثال، يمكن أن يخصص وقتاً منتظماً لتقديم دورات تدريبية وتنظيم ورش عمل أو حتى عقد اجتماعات لتبادل الأفكار. ومن المهم أن يكون هذا القائد قريباً من فريقه، يدعمهم في تجاوز تحدياتهم، ويشجعهم على التفكير النقدي والإبداعي التدوير الوظيفي وأحد أهم الأدوات التي تساعد على تطوير فكر الموظف عندما يتم نقله بين الأقسام المختلفة أو يُكلّف بمهام جديدة، فإنه يكتسب خبرات متنوعة ويتعرف على أبعاد جديدة للعمل. هذا التنوع في المهام يعزز مهاراته ويوسع رؤيته، مما يساعده على التفكير بطرق مبتكرة وإيجاد حلول فعالة للتحديات، ولاشك أن التدوير أيضاً يسهم في كسر الروتين الوظيفي الذي قد يؤدي إلى الملل وفقدان الحافز. عندما يشعر الموظف بالتجديد في دوره ومسؤولياته، فإنه يصبح أكثر حماساً وإنتاجية. وهنا تظهر أهمية دور القائد في تخطيط وتنفيذ برامج التدوير بما يضمن تحقيق الأهداف المرجوة دون التأثير على سير العمل لخلق موظف يتطور ويعطي بسخاء، ولا بد من بناء ثقافة مؤسسية قائمة على التطوير المستمر، هذه الثقافة يجب أن تشجع على التعلم الذاتي وتوفير بيئة تفاعلية تحفّز الإبداع، ويمكن تحقيق ذلك من خلال، التعلم الموجه وتصميم برامج تدريبية تلبي احتياجات الموظفين وتعزز مهاراتهم، والتغذية الراجعة تقديم ملاحظات بنّاءة تساعد الموظف على تحسين أدائه، وتشجيع الابتكار ومنح الموظفين الحرية لتجربة أفكار جديدة ودعمهم في ذلك، ثمة جانباً أخر التحفيز المادي والمعنوي مهم في هذا الشأن وربط التطور الشخصي بالمكافآت والترقيات لتحفيز الموظفين. والموظف الذي يتمتع بفكر متطور وقادر على التكيف مع المتغيرات يضيف قيمة كبيرة للمؤسسة، فيصبح أكثر قدرة على المساهمة في تحقيق أهداف الشركة ورفع كفاءتها التنافسية. علاوة على ذلك، فإن مثل هذا الموظف ينقل خبراته وإبداعه إلى زملائه، مما يخلق بيئة عمل ديناميكية تزدهر بالأفكار الجديدة، وتطوير فكر الموظف مسؤولية تبدأ من القائد، الذي يجب أن يكون أول من يعلق الجرس ويقود المسيرة نحو التغيير. من خلال بناء ثقافة مؤسسية تدعم التطوير، وتطبيق استراتيجيات مثل التدوير الوظيفي، ويمكن للمؤسسة أن تخلق جيلاً من الموظفين المبدعين القادرين على التكيف مع تحديات المستقبل. هذا الاستثمار في الفكر البشري ليس فقط ضرورة، بل هو السبيل لتحقيق النجاح المستدام. د. عمر بن سليمان العجاجي