أكثر فيلم رغبت في مشاهدته في مهرجان البحر الأحمر كان صيفي، حين دخلت قاعة السوق في أول يوم، رأيت أحمد الملا، سلمت عليه بحرارة ومشينا فرأينا عبدالله عرابي، وطرحنا موضوع تذاكر فيلم صيفي وأخبرنا أن كل الناس يطلبون منه تذاكر صيفي فاستحيت أن أكون من جملة الناس وجلست أفكر كيف أحضر هذا الفيلم. منذ عرفت أن الفيلم من إخراج وائل أبو منصور، الذي أصبحت أسيرة إبداعه منذ شاهدت فيلمه الوثائقي الأول مزمرجي. جندت صديقاتي كي يبحثن لي عن تذكرة الفيلم، وأرسلت لعائشة كاي، التي أعرف كم كانت مشغولة ذلك الوقت، وبكل حرج طلبت منها أن توفر لي تذكرة إن استطاعت، فاتني العرض الأول وبقيت أحاول الحصول على تذكرة للعرض الثاني، وقفت على شباك التذاكر أطلب منهم تذكرة، ويجيبون بكل أسف أنها مباعة، وقت العرض ذهبت مرة أخرى وأخبروني بأن أذهب إلى القاعة وإذا وجدت كراسي فارغة أعود إليهم، تركت صديقي عبده خال في العيادة مع السكر المرتفع، وذهبت أبحث عن كرسي فارغ، قابلت أحمد العياد الذي أخبرني أنه سيبحث لي عن تذكرة، رأيت فايزة أمبا تتحدث في الجوال، لم أرها من سنين سلمت عليها وسألتني إن كنت سأحضر، قلت لها أبحث عن تذكرة، نادت عرابي، وطلبت منه أن يدبر لي تذكرة، سلمت على عرابي وكنت أتوقع أن يعتذر لكنه هاتف أحداً ما وطلب منه أن يرسل تذكرة، أرسلها إلى جوالي. وحضرت الفيلم. نعم، كان يستحق كل هذا السعي للحصول على التذكرة، ونعم كنت سعيدة ومع كل لقطة كنت أشعر بالامتنان لفايزة وعرابي، وأدركت أن حدسي الذي يصدق دائماً، كان موقناً بأن استجداء تذكرة لحضور الفيلم كان في محله. الفيلم أبهرني بتفاصيله، بقصته، بأداء الممثلين فيه، بديكوراته، كل ذلك طبعاً بقيادة المايسترو وائل أبو منصور. كاتب ومخرج الفيلم. الفيلم يتحدث من خلال بطله، اللا بطل، صيفي، عن فترة التسعينات، التي شاعت فيها الأشرطة الدينية، وصيفي صاحب محل كاسيتات، يبيع كل أنواع الكاسيت، ويشغل فرقة شعبية لإحياء الأفراح، ويعثر بالصدفة ضمن أشرطة محاضرات دينية على شريط يحمل أسراراً مشينة تفضح رجل الأعمال الشهير في حديثه مع رجل الدين، من هنا تبدأ الأحداث في التصاعد، لكن كل تفصيلة في الفيلم وكل شخصية فيه، مكتوبة ببراعة شديدة، تنير لك عتمة الأسرار التي كانت تعيشها تلك الحقبة، وبشكل ناعم وبدون مباشرة أو فجاجة، تشاهد الفيلم وتستمتع وتضحك وتفكر وتخرج وأنت ممتلئ شكراً للأداء التمثيلي الهائل للجميع بلا استثناء. أسامة القس، عائشة كاي، براء عالم، نورا خضرا. وددت أن أكتب باستفاضة عن كل شخصية. شكراً وائل أبو منصور..